للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن المسيَّب والحسن (١): يغسل ويصلَّى عليه (٢).

ودليلنا: ما رُوىَ عن جابر عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه كان يجمع بين الرّجلين من قتلى أُحُدٍ في ثوبٍ واحدٍ ثمّ يقول: "أَيُّهُمْ أَكثَرُ أَخذًا للِقُرْآنِ" فإذا أُشِيرَ لَهُ إِلى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ وقال: "أَنا شَهِيدٌ على هؤُلَاءِ يوْم القِيامَةِ" وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، ولم يُغَسَّلوا ولم يُصَلَّ عليهم (٣).

ومن جهة المعنى: أنّ هذا معنىً يُسقِط فرض غسْلِهِ، فوجبَ أنّ يُسقِط فَرْضَ الصَّلاة عليه، أصلُ ذلك الخوفِ (٤).

المسألة الثّالثة (٥):

هذا حُكمُ من خرج مجاهدًا في سبيل الله، لا يختلفُ المذهبُ فيه، وأمّا من غزاهُ العدوِّ في عُقْر داره، فدافَعَ عن نفسه فَقُتِل:

فقال ابن القاسم. يُغْسَل ويصلَّى عليه (٦).

وقال أشهب (٧) وابنُ وهب: لا يُغسَل ولا يصلّى عليه (٨).


(١) وهو الحسن البصري كما فى المنتقى.
(٢) قال ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١٤/ ٢٦١ "لا أعلم احدًا من فقهاء الأمصار قال بقول سعيد ابن المسيَّب والحسن البصري في غسل الشهداء إِلَّا عبيد الله بن الحسن العنبري، وليس ما قالوه من ذلك بشىء؛ لأنّ الشىء الّذي جعلوه علّة [وهو شغل النَّاس عن شهداء أحد لكثرتهم] ليس بعلة؛ لأنّ كلّ واحد من القتلى كان له أولياء يشتغلون به دون غيره، بل العلّة فى ذلك ما قاله رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: إنَّ الشهيد يأتي يوم القيامة وريح دمه كريح المسك". وانظر شرح التلقين للمازَري: ٣/ ١١٨٥ - ١١٩٤
(٣) أخرجه البخاريّ (١٣٤٣).
(٤) للتوسع في الاستدلال العقلئ على هذه المسألة، انظر مسائل الخلاف لابن الوراق: اللوحة ٣٣/ ب- ٣٤/ أ.
(٥) اقتبس المؤلِّف هذه المسألة من المنتقى: ٣/ ٢١٠.
(٦) قاله أصبغ بن الفرج في سماعه من ابن القاسم فى العتبية: ٢/ ٢٩٥ - ٢٩٦، ونحوه فى المدوّنة: ١/ ١٦٥
(٧) رواية أشهب أوردها ابن أبي زيد فى النوادر: ٣٧٠ نقلًا من كتاب ابن سحنون.
(٨) وهو الّذي في العتبية: ٢/ ٢٩٦ حيث سأل أَصْبَغُ بنَ وهب فقال: "هم شهداء حيث ما نالهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>