للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرحه دون أن يُصرِّح بالنّقل أو العَزْوِ إليه، وقد بيَّنَّا في هوامش "المسالك" ما استطعنا الوقوف عليه من هذه النُقُول (١). ولكن في الحق أن ابن العربيّ لإمامته وطول اشتغاله بشرح الحديث والغوص في دقائق علمي الكلام وأصول الفقه يمتاز بتشقيق المسائل، والتفَنُّن في وضع العناوين الدَّالة والتراجم المعَبِّرَة، على حين نرى الحافظ ابن عبد البر يُدْمِجُ المسائل الكثيرة تحت الباب الواحد، وهو منهج لا تبعَةَ فيه عليه؛ قد ارتضاه كبار الأيمة الّذين تَصَدَّوا لشرح الحديث.

وشرح ابن عبد البرّ في "الاستذكار" جميع ما في "الموَطَّأ" من المسند والموقوف والمقطوع والبلاغ، وركّز على استعراض آراء علماء السَّلَف وفقهاء المذاهب والأمصار، مع ذِكْرِ أوْجُه استدلالهم واستنباطاتهم، قال عنه ابن حزم الظّاهريّ: "لا أعلمُ في الكلام على فقه الحديث مثله، فكيف أحسن منه! " (٢).

واعتنى ابنُ عبد البرّ في "التّمهيد" بالأحاديث المسنَدَة، وعن أحوال رواتها وأنسابهم، ومعاني الأحاديث، وأقاويل العلماء في تأويلها وناسخها ومنسوخها، ورتَّبَ شرحه على حسب شيوخ مالك في "الموطَّأ".

٢ - "المنتقى" لأبي الوليد الباجي (ت. ٤٧٤ هـ).

أكثر المؤلِّف - رحمه الله - من النقل من كتاب المنتقى للباجي، حيث يمكن


(١) كما في: ١/ ٣٨٧، ٣٩٢، ٤٣٧. ٢/ ٣٣، ٨٥، ١٨٦. ٣/ ١٢٧، ١٤٣، ٢١٦. ٤/ ٢٩. ٧/ ١٦٧، ٢٨١.
(٢) الصلة: ٢/ ٦٧٨، وسير أعلام النُّبَلاء: ١٨/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>