للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك في زمن عمر إلى آخر زمن عثمان وبعده" قاله الباجي في "المنتقى" (١).

الفائدةُ التّاسعة (٢):

هذا الحديثُ أصلٌ في تفضيل معاوية؛ لأنّ الأوّلين الذين ركبوا البحر كانوا معه، وهذه نكتةٌ مليحةٌ (٣)، ولكن البخاريّ لم يدخله في فضله لأجّلِ أنّه دخل بعد ذلك في الفتنة. وأدخل مسلمٌ (٤) في فضله حديث ابن عبّاس حين دَعَاهُ النّبىّ - صلّى الله عليه وسلم -، فلم يأتِ، وقال الرّسولُ الّذي أرسله النّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم - إليه: وجدته يأكل، فقال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لَا أَشبَعَ اللهُ لَهُ جَوْفًا أو قال: "لَا أَشبَعَ الله لَهُ بَطنًا"، ثُمَّ أدخل بعد ذلك حديث النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ إنِّي بَشَرٌ فأيّما رَجُلٍ سَبَبتُه أَوْ لَعَنتُهُ فَاجْعَل ذَلكَ صَلَاةً عَلَيهِ وَرَحْمَةً" (٥) فكانَ دعاءُ النّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - في دعائه: " لَا أَشْبَعَ اللهُ لَهُ بَطنَهُ" أَصْلًا في غِنَاه بعد فقره، وجوده وسخائه وقناعته، بل ذلك بقول النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - له، ونصّ على ولايته في قوله للحسن:"إِنَّ ابْني هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أنّ يُصْلِحَ بِهِ بَينَ فِئَتَينِ عَظِيمَتَينِ مِنَ المُسْلِمِينَ" (٦) فسلَّمَ الحَسَنُ الأمر إلى معاويةَ بصُلحٍ أَخْبَرَ عنه النّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم - في شأن الحسن على سبيل المَدْح للحَسَنِ، ولو كان الذى قاتله الحَسَنُ مذمومًا لما مَدَحَهُ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بقوله:"وَلَعَلَّ الله أَن يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئتينِ عَظِيِمَتينِ مِن المُسْلِمِينَ".


(١) ٣/ ٢١٣
(٢) أورد المؤلِّف هذهْ الفائدة في العارضة: ٧/ ١٤٩ - ١٥٠.
(٣) يقول المؤلِّف في العارضة: "وإنّه استنباط مليح وأصل صحيحٌ" وقد أشار إلى هذه النكتة ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١٤/ ٢٨٨.
(٤) في صحيحه, الحديث (٢٦٠٤).
(٥) أخرج بنحوه مسلم (٢٦٠٠) من حديث عائشة.
(٦) أخرجه البخاريّ (٢٧٠٤) عن أبي بكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>