للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقه في تسع مسائل:

المسألة الأولى (١):

قوله: "كانَ السَّيْلُ قَدْ حَفَرَ قَبْرَهُمَا" فيه دليلٌ على أنّهما دُفِنَا في قبرٍ واحدٍ، وذلك أنّه لمّا اشتدّ على المسلمين حفر القبور يوم أُحُد لكثرة القتلى، قال لهم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "احفِرُوا وَعمقُوا وَأَوْسِعُوا، وَادْفنُوا الاثْنَيْنِ والثَّلَاثَةَ في قَبْرٍ، وقَدِّمُوا أَكثَرَهُمْ قرآنًا" (٢).

فعلى هذا يجوزُ مثله للضّرورة، قال مالك: وإِلَّا فالسُّنَّةُ أنّ يُدْفَنَ كلّ واحدٍ في قبرهِ إذا أَمْكَنَ (٣).

المسألة الثّانية (٤):

قوله: (وَهُمَا ممَّن اسْتُشهِدَ يَومَ أُحُدٍ، فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا من مَكانِهِمَا" وكانا صِهْرَيْن واستشهدا يوم أُحُد ودُفِنَا في قبرٍ واحدٍ، فحفَر السَّيْلُ قبرهما (٥).

وقوله (٦):" لَا بَأْس أَنْ يُدْفَن الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ في قَبْرٍ وَاحدٍ، وَيُجْعَلَ الأَكبَرُ مِمَّا يَلِي القِبْلةَ" يريدُ: أنّه لا يُفْعَلُ ذلك إِلَّا من ضرورةٍ، وكذلك قال أشهب: لا يكفّنان في كفنٍ واحدٍ إِلَّا من ضرورةٍ.

المسألة الثّالثة (٧):

قال علماؤنا (٨): ويُقَدَّمُ في اللَّحْدِ الأكبرُ، ويُجْعَلُ مِمَّا يلي القِبْلَة، وهذا معنى التَّقديم في اللَّحْد.


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٢٥، وانظر العارضة: ٧/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) أخرجه أحمد: ٤/ ٢٠، وابن ماجه (١٥٦٠)، والنسائي: ٤/ ٨٣، والترمذي (١٧١٣)، قال: وهذا حديث حسن صحيح، والبيهقي: ٤/ ٣٤.
(٣) الّذي وجدناه، ما في الواضحة لابن حبيب: "وإذا احتيج إلى دفن اثنين في قبر واحدٍ أو جماعة من الشهداء أو بوباء نزل، فلا بأس بذلك" عن النّوادر: ٣٦٧.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ٢٢٥ - ٢٢٦.
(٥) نصّ على ذلك ابن عبد البرّ في الاستيعاب: ٢/ ٣٣٩ - ٣٤١، ٥٠٣ - ٣٠٦.
(٦) أي قول مالك في الموطَّأ (١٣٤٩) رواية يحيى.
(٧) هذه المسألة اقتبسها المؤلِّف من المنتقي: ٣/ ٢٢٦.
(٨) المقصود هو الإمام الباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>