للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الرّابع: رَوى مسلم (١) عن أبي ثَعلَبَة، عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "إِذَا رَمَيتَ سَهمَكَ فَقَتَلَ فكُل، وإن غَابَ عَنكَ فَأَدْرَكتَهُ فَكُلهُ مَا لَمْ يَبِت". ورَوى: "بَعْدَ ثَلَاثٍ (٢) "، وروى "إِلَّا أنّ يُنْتِنَ" (٣). زادَ النَّسَائيُّ (٤): "أَوْ يَأكُلَ مِنْهُ سَبعٌ".

وأمّا قولُه تعالى: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} الآية (٥)، فإنّه قد توهَّمَ بعضُ العلماء أنّ المرادَ به تحريمُ الصَّيد في حالِ الإحرامِ، وهذه غلطة، وإنّما المرادُ به الابتلاءُ في حَالتَي الحلِّ والإحرام، ليعلمَ اللهُ مشاهدةً ما عَلِمَهُ غَيبًا مِنَ امتثال مَنِ امتثَلَ واعتداءِ مَنِ اعتَدَى؛ فإنّه عالمُ الغَيب والشَّهادة، يعلَمُ الغَيبَ أوّلًا، ثمَّ يخلُقُ المعلومَ فَيَعْلَمُهُ مَشاهَدَةً، يتغيَّرُ المعلومُ ولا يتغيَّر العلّم.

وقوله: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} (٦) قال مالك: يعني بايديكم في المقدورِ عليه، وقوله: {وَرِمَاحُكُمْ} يعني في المتعذّر المطلوب، وخصّ الرُّمحَ لأنّه الغالبُ في التَّصرُّف، وكل محدود يلحق به لأنَّه مثلُه.

و"المِعْرَاضُ" قد بيَّنَه النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -، وأنّه يجوز الصَّيدُ به، فهذه الآيةُ تناولت صَيدَ المباشَرَة من الصَّائد دونَ واسطةٍ، وتفصيلُ ذلك يأتي إنَّ شاء الله تعالى.


(١) الحديث (١٩٣١).
(٢) رواهُ مسلم (١٩٣١/ ١٠).
(٣) رواه مسلم (١٩٣١/ ١١).
(٤) الّذي وجدنا.، ما رواه عديّ بن حاتم، بلفظ:"ولم يأكل منه سَبُعٌ فكل" السُّنَن (المجتبى):٧/ ١٩٣، وفي الكبرى (٤٨١٤).
(٥) المائدة: ٩٤، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٦٦١.
(٦) المائدة: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>