للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للبيع وأخذ الأثمان فيها.

فإن قال: إنَّ الأُمَّة أجمعت على أنّ بيعها حلالٌ.

قيل له: إنَّ كان الاجماعُ عندك حجّة فقل: لمّا اختلفتِ الأُمَّة في تحريمها، وأجمعتْ على أنّها كانت في الأصلِ مباحة، فَقُلْ بما اجتمعوا عليه، وَدَعْ ما اختلفوا فيه.

المسألة الثّالثة:

وتعلَّقَ (١) من رأى الإباحة، بما رُوي عن جابر بنِ عبدِ اللهِ، قال: نَهَى النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - يرم خَيْبَر عن لحوم الحمر، وأَرخَصَ في لُحُومِ الخَيْلِ (٢).

وقال الشّافعىّ (٣): الخيلُ حلالٌ.

وقال جابر: ذبحنا فرسًا على عهدِ رسولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - فاكلناه (٤).

ورُوِي أنّ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أَذِنَ في لحومِ الخيلِ وحرَّم لحومَ الحُمُر (٥)، ولا إشكالَ في أنّ لحومَ الحُمُرِ الأهليّة حُرِّمت يومَ خَيْبَر، لثبوتِ ذلك في الرِّوايةِ الصَّحيحة.

واختُلِفَ في تحريمها على خمسةِ أقوالٍ (٦)، وعن مالك في ذلك روايتان، والصحيحُ: أنّ التّحريم منسوخٌ (٧)؛ بما نزلَ بعده بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية (٨)، وأنّ الله تعالى لمّا ذكر الأنعام ذكرها على وجه الامتنانِ للرُّكوب، وكذلك الخيل.


(١) الفقرة التالية إلى قوله: وأرخص في لحوم الخيل، مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٣٣ وانظر الباقي في القبس: ٢/ ٦٢٦.
(٢) أخرجه البخاريّ (٤٢١٩)، ومسلم (١٩٤١).
(٣) في الأمّ: ٢/ ٢٧٥.
(٤) الّذي وجدناه هو من قول أسماء بنت أبي بكر، لا من قول جابر بن عبد الله، أخرجه ابن المبارك في مسنده (١٨٤)، وأبو الشّيخ في الكرم والجود (٨٩)، والدارقطني: ٤/ ٢٩٠، والطبراني في مسند الشاميين (٢٢٦)، والمعجم الكبير: ٢٤/ ٨٧ (٢٣٢)، ٢٤/ ١١٢ (٣٠٢)، ٢٤/ ١١٣ (٣٠٣).
(٥) انظر تخريج الحديث أعلاه.
(٦) انظر هذه الأقوال في القبس: ٢/ ٦٢٦.
(٧) انظر الناسخ والمنسوخ لابن شاهين: ٤٩٨، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي: ١٢٦ - ١٢٧.
(٨) الأنعام: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>