للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رَوَى ابنُ حبيب عن ابن الماجشون أنّه من تَغَذَّى فهي محرّمةٌ عليه يَوْمَهُ، ومن تَعَشَّى فهي محرَّمة عليه ليلَهُ وَيوْمَهُ، ثمّ بعد ذلك إن وَجَدَ بنفسه قوّة، مضَى على ذلك، وإن دخلَهُ ضعفٌ وخافَ الموتَ أو قارَبَهُ، جازَ له أنّ يأكلَ منها ما يردّ نفسَهُ وينهضه في سفره.

وتعلَّق ابنُ حبيبٍ بما رَوَى الأوزاعيّ، عن حسّان بن عَطِيَّة، عن أبي واقِد اللَّيثي؛ أنّ رجُلَا قال للنَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -: إِنّا نَكُونُ بِأرْضِ تُصِيبُنَا فِيهَا المَخْمَصَة، فَمَتَى تحلّ لَنَا المَيتَة؟ فَقال لَهُم: "إِذَا لَمْ تَصطَبحُوا أو لم تَغتَبِقُوا ولم تَحْتَفئُوا (١) بقلَا، فَشأنُكُم بِهَا" (٢) والاحتفاء جَمعُ البقلِ وأكلُه (٣)، وذلك يدلُّ على أنّها لا تُؤكَل الميِّتَة ما وَجَدَ الرَّجلُ ما يعلِّله من بقل أو غيره.

المسألةُ الثّالثة (٤):

قولُه (٥): "في الرَّجُلِ يُضطَرُّ إِلَى المَيْتَةِ، أيأكُلُ مِتهَا وهُوَ يَجِدُ ثَمَرَ القَوْمِ؟ " هو كما قالَ، إنَّ من وجدَ المَيتَة مضطرَّا إليها ووجدَ مَا لا يمكنُه الوصول إليه، فلا يخلو أنّ


(١) يقول العسكري في تصحيفات المحدثين: ٢/ ١٦٩ "تجتفئوا بالجيم وهمز الياء أيضا، وقد رُوِيَ أيضًا: تختفئوا بالخاء المعجمة ساكنة، أي تقتلعونه من الأرض، يقال: اختفيت الشيء، أي أخرجته من الأرض، ومنه سمّي النبّاش المختفي".
(٢) تتمّة الكلام كما في المنتقى: "قال عبد الملك: يعني بالاصطباح الغداة، والاغتباق العشاء" والحديث أخرجه الدارمي (١٩٩٦)، وأحمد: ٥/ ٢١٨، والطبراني في الكبير (٣٣١٥)، والحاكم: ٤/ ١٢٥ وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، والبيهقي (١٩٤٢٠)، قال الهيثمي في "المجمع: ٤/ ١٦٥"رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصّحيح" وقال الّذي موضع آخر: ٥/ ٥٠ "روا. الطبراني ورجاله ثقات".
(٣) يقول أبو عبيد في غريب الحديث: ١/ ٦٠ "والحفأ مهموز مقصور، وهر أصل البردي الأبيض الرطب منه، وهو يؤكل".
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ١٣٨ - ١٣٩.
(٥) أي قول مالك في الموطَّأ (١٤٤٠) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>