كتاب المسالك في شرح موطأ مالك

كتاب العقيقة - الباب الأول ماجاء في العقيقة - ج: 5 - ص: 328

عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "وأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَي" (١) ولأ أَذَى أعظمُ من تلطيخ رأسه بالدَّمِ.

وفي "الصّحيحين (٢) أنَّه جِيءَ بابْنِ أَبِي طَلحَةَ إلى النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - فَسَمَّاهُ وَحَنَّكَهُ، ولم يذكُر عقيقةً.

وقد روَى النَّسائي أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -:"عَقَّ عَنِ الحَسَنِ بِكَبْشِ (٣). ورَوَى التَّرمذيُّ (٤): "أَنَّهُ أَذَّنَ في أُذُنِهِ حِينَ وُلِدَ"، وقال: وهذا حديثٌ صحيحٌ، فصارت تلك سُنَّةً.

قال القاضي - رضي الله عنه -: ولقد فعلتُها باولادي، واللهُ يهِبُ الهُدَى لمن يشاء من خلقِهِ.

وثبتَ أنّ النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أَمَرَ فَاطِمَة بحَلقِ شَعْرِ رَأْس بَنِيهَا وَأَنْ تَتَصَدَّق بِزِنَتِهِ فِضَّةً (٥).

وَكَانَتِ الجَاهِلِيَّةُ تَحْلِقُ رَأسَ المَولُودِ وَتُلَطِّخُهُ بِالدَّمِ، فَشَرَّع النَّبِيُ - صلّى الله عليه وسلم - التّصَدُّق بِزِنَتِهِ فِضَّةً.

وقال العلّماءُ: يلطّخُ بالخَلُوقِ رأسُه.

العربيّة (٦):

"العَقِيقَةُ" هي فعيلةٌ من العَقِّ الّذي هو القَطْع، فعيلةٌ بمعنى مفعولة، مثل قتيلة ورهينة.

---

(١) كما في رواية البخاريّ الّتي ذكرناها سابقًا.
(٢) البخاريّ (٥٤٧٠)، ومسلم (٢١٤٤) عن أنس.
(٣) الّذي في النسائي: ٧/ ١٦٦، وفي الكبرى (٤٥٤٥) "عن رسول الله عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشنين كبشين"، فلعلّ المؤلِّف روى الحديث بالمعنى، إذ فهم منه أنّ التكرير هو للتأكيد، والكبشان عن الاثنين، على أنّ كلّ واحد عقَّ عنه بكبش.
(٤) في جامعه الكبير (١٥١٤)، والحديث أخرجه أحمد: ٦/ ٩، وأبو داود (٥٠٦٤) من حديث أبي رافع عن أبيه.
(٥) أخرجه مالك في الموطَّأ (١٤٤٣) رواية يحيى، وابن أبي شيبة (٢٤٢٣٤)، والترمذي (١٥١٩) وقال: "هذا حديث حسنٌ غريبٌ، وإسناده بمتَّصلٍ"، والحاكم: ٤/ ٢٣٧، والبيهقي تعليقًا: ٩/ ٣٠٤.
(٦) الكلام في العربية مقتبسْ من المقدِّمات الممهِّدات: ١/ ٤٤٧ مع تقديم وتأخير.