للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَدَرِ شَيْئًا، وَإِنمّا يُستَخرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ" (١).

قال علماؤنا (٢): والنَّذرُ على أربعةِ أقسامٍ: طاعة، ومعصية، ومكروهٌ، ومباح. والواجبُ منه الوفاء بالطّاعة، والانتهاء عن المعصية، وترك المكروه (٣)، وأمّا المباحُ فمُخَيَّرٌ فيه.

والنذرُ (٤) على ضربين: مُطْلَقٌ ومُقَيَّد.

والمطلق على ضربين: مُفَسَّرٌ ومُبْهَمٌ.

فالمفسَّر: مثلَ أنّ تقول: عليَّ صومٌ، أو صلاةٌ، أو صَدَقةٌ.

وأمّا المُبْهَمُ، فمثلَ أنّ تقول: عليَّ نَذْرٌ، وهذا يجزىءُ فيه كفارةُ يمينٍ، لِمَا رُوِيَ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال:"كَفَّارةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ اليَمِينِ" (٥) معناه المُبهَمِ.

وأمّا المُقَيَّدُ، ففيهِ في المذهب تفسيرٌ طويلٌ، أَشَدَّه نَذْرُ اللَّجَاجِ والغَضَبِ، وهو عند مالك يلزمُ بما فَسَّرَهُ على أيِّ حالةٍ كانَ، والأصلُ في ذلك عندَهُ عموماتُ النَّذْرِ الوَارِدةُ من غير تخصيصٍ بحالٍ ولا صفَةٍ، وبه قال أبو حنيفةَ وغيرُه.

وقال الشّافعيُّ في اختلافٍ كثيرٍ له: تجزىءُ فيه كفَّارةُ يمينٍ (٦)؛ لأنّه من بابِ الأيمَان حين لم يَقصد به القُربةَ، وإنمّا قصدَ به الإقدامَ والامتناع بالتزام ما عَلِقَ به في الوجهين، وهذا ضعيفٌ؛ لأنّ قَصدَ القُربَة فيه لا يخفَى، وإن كان قصَدَ - كما قال- تأكيدَ الإقدام أو تأكيدَ الامتناع، فإنّما قَصَدَه لمُعَظِّمٍ شاقٍّ عليه خلافه، وسيأتي بيان ذلك إنَّ شاء الله.


(١) أخرجه مسلم (١٦٣٩) من حديث أبي هريرة، وانظر البخاريّ (٦٦٩٤، ٦٦٠٩).
(٢) المقصود هو الإمام ابن الصوّاف في الخصال الصّغير: ٦٠.
(٣) أي يكره الوفاء به.
(٤) انظر الكلام التالي في القبس: ٢/ ٦٦٠ - ٦٦١.
(٥) أخرجه مسلم (١٦٤٥) من حديث عقبة بن عامر.
(٦) نصّ على ذلك الغزالي في الوسيط: ٧/ ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>