للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتَّكليفِ، وأرسَلَه فيما عداهم لعدم التَّكليفِ. والبارىءُ تعالى غَنِيٌّ عن العالَمين، فنظَّمَهُ بروابطَ، ورتَّبَ ذلك على شرائطَ اختلفَ العلّماءُ فيها اختلافًا كثيرًا، أصولُها عند علمائِنَا خمسةٌ:

١ - المتعاقدان.

٢ - المستأهلان لذلك.

٣ - والصّداقُ الّذي يصلُح أنّ يكونَ صداقًا.

٤ - والوَلِيُّ للزَّوجةِ الّذي يتولَّى العَقْدَ.

٥ - والإعلانُ المفَرِّق بيْنَه وبين السِّفَاح.

ولم يَجعلِ الله العَقدَ إلى المرأةِ أوّلًا، مخافَةَ أنّ تَغْلِبَ شهوَتُها عَقلَها فتضَعُ نفسَهَا في غير موضعِهَا، كلما لم يجعل الطَّلاقَ بيدها، لِفَضْلِ القِوَاميَّة في الرِّجالِ؛ لأنَّه لا يُؤمَن أيضًا من تَهافُتها أنّ تَنْبذَ زوجَها عندَ رؤيةِ غيرهِ كنَبْذِها لنَعْلِها، قال الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (١) فخاطَبَ الأولياء بالأمر بالنِّكاحِ في موضعه، كما خاطبهم بالنَّهيِ عن تَغدّي الأمر، فقال: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (٢).

وقال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - من رواية أبي موسى: "لَا نِكاحَ إِلَّا بِوَلِيِّ" رواهُ التِّرمذيُّ (٣) وغيرُه (٤).

وثبتَ عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "أيُّمَا امْرَأةٍ نَكَحَت نَفْسَهَا بغيرِ إِذنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ - قَالَهَا ثَلَاثًا، فَإن مَسَّهَا فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشتَجَرُوا فالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ" (٥).


(١) النور: ٣٢، وانظر أحكام القرآن: ٣/ ١٣٧٦.
(٢) البقرة: ٢٣٢، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٢٠١.
(٣) في جامعه الكبير (١١٠١).
(٤) كالامام أحمد: ٤/ ٣٩٤، ٤١٣، والدارمي (٢١٨٨)، وأبو داود (٢٠٨٥ ع)، وابن ماجه (١٨٨١)، وابن حبّان (٤٠٧٧، ٤٠٧٨، ٤٠٩٠).
(٥) أخرجه عبد الرزّاق (١٠٤٧٢)، والحميدي (٢٢٨)، وأحمد: ٦/ ٤٧، ٦٦، ١٦٣، وأبو داود =

<<  <  ج: ص:  >  >>