للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا متعلِّق الشّافعيّ (١)، فقولُه - صلّى الله عليه وسلم -:"هَل مَعَكَ شَيءٌ مِنَ الْقُرآنِ"؟ فَقَالَ: نَعَم، فَقَالَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرآنِ".

قال علماؤُنا: عن هذا جوابان:

١ - أحدهما: أنّه إنّما أرادَ أنّ يكونَ بَدَلًا من الصَّدَاقِ لما يتوَلَّاهُ من تعليمِهَا، ولعلَّ التَّعليمَ يُسَاوي أكثرَ من ذلك.

٢ - ويحتملُ أنّ يكونَ أرادَ "بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرآنِ": أي أَنّكَ أنتَ تصلُحُ لها إنَّ كنتَ من أهلِ القُرآنِ، كما يقول الرَّجلُ: قد زوَّجتُك بصَنْعَتِك، والمَهْر باقٍ في ذِمَّتِهِ؛ لأنّه لا يجوز أنّ يتزوّجَ الرَّجُلُ بألفِ دينار ولا يقدِّم منها شيئًا.

المسألةُ السّادسة (٢):

اختلفَ العلّماءُ في كونِ الإِجَارَة صَدَاقًا على ثلاثة أقوالٍ، وقد رُوِيَ في الحديث: "عَلّمهَا من القُرآنِ" (٣) وفي "سنن أبي داود" (٤): "قُم فَعَلِّمْهَا عِشْرينَ آيةً".

ودخولُ الإِجارَةِ في النِّكاح تحقيقُه في: "الكتاب الكبير"، وفي: "كتب المسائل"، فأمّا هذا الحديث فلَا أدري كيف أَغفَل العلّماءُ حقيقته! فإنّه ليس بجارٍ في شيءٍ من ذلك المضمارِ؛ لأنّه إنَّ كان الصّداقُ تَعلِيمَها، فلابُدَّ من تقدير المُدَّة في إقرائهَا، وإن كان على أنّ يستظهِرَهَا فهي جعَالَةٌ مجهولةُ المُدَّة، فلا يَصِحُّ أنّ تكون صَدَاقًا، وإنّما مخرجُ الحديث أنَّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لمَّا عَدِمَ عندَه الصَّدَاق، تحقَّقَ له الفقرُ، فطلَبَ منه فضيلةً يُزَوِّجُه بها، وليس إِلَّا استِظهَارَ القرآنِ أو شيءٍ منه.


(١) في الأم: ٥/ ٦٤.
(٢) انظرها في القبس: ٢/ ٦٩٢ - ٢٩٣.
(٣) رواه مسلم (١٤٢٥) من حديث سهل.
(٤) الحديث (٢١١٢ ع) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>