للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدَّا؟ لأنّها تعارضت فيها آيتان، قال الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} الآية (١)، ثمّ قال في آخر الآية: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (٢)، فهذا عامٌّ مُستَرسِلٌ على الأحوالِ.

وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} الآية (٣)، ثّم قال في آخر الآية: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} (٤).

وليس الإشكال في أنّ نكاح الأَمَة المُطْلّقَةِ في آية "النُّور" مُقَيَّدٌ بالشَّرطَين في آيةِ "النِّساء"، بل ذلك إجماعٌ من الأُمَّةِ، وإنّما وقع الاختلافُ فيها في كيفيّة الشَّرطِ وهو تفسيرُ "الطَّولِ".

فَمِنَ السلَفِ من قال: إنَّ الطَّولَ أنّ يكون* تحتَه حُرَّةٌ.

ومنهم من قال: إنَّ الطَّوْلَ أنَ يكون* عندَه من المالِ قَدْرَ ما يَبذلُ في الصَّدَاقِ لها والنَّفَقةِ عليها، فكان المعنى على التّأويل الأولِ: من لم تكن عنده حرّةٌ وخافَ الزِّنَى فليتَزَوَّجْ أَمَةً وهذا إذا كَشَفْتَهُ هكذا فَسَادٌ في الكلام، وتثبيجٌ، فإن لم يكن تحته حُرَّةَّ وخافَ الزِّنَى تزوّج حزة، فلابُدَّ من تَمَامِ الكلامِ ونظامِهِ، وتحقيقِ الشّرطينِ، أنّ يُفَسَّرَ الطَّولُ بالقُدْرةِ على المالِ في بَذْلِ الصَّدَاقِ والنَّفَقَة، وهذا ما لا غُبَارَ عليه.

وأمّا مالك وغيرُهُ من العلّماءِ فقال: إنَّ الحُرَّةَ لها حقٌّ في اجتماعِها في النّكاح مع الأَمّة، وذلك معلومٌ من نصِّ الآيةِ، فإنّ الله أَطلَقَ نكاحَ الحَرَائِرِ وقيَّدّ نِكاحَ الإِمَاءِ بما انتفت بذلك التّسويةُ بينهما، فهذا معلومٌ بظاهر النَّطرِ، وبَقِيَ تفصيلُ الحالِ في


(١) النور: ٣٢، وانظر أحكام القرآن: ٣/ ١٣٧٦.
(٢) النور: ٣٢، وانظر أحكام القرآن: ٣/ ١٣٧٨.
(٣) النِّساء: ٢٥، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٣٩١.
(٤) النِّساء: ٢٥، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>