للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه للعلّماء سبع مسائل:

المسألة الأولى (١):

قال مالك: يجوزُ نِكاحُ العبدِ أربعَ نِسْوَةٍ، رواه عنه أشهب (٢).

وروى محمّد عن ابنِ وَهْبٍ عنه، أنّه قال: لا يتزوُّجُ العبدُ إِلاّ اثنتينِ، وبه قال الشّافعي (٣)، وأبو حنيفة (٤)، وابن حنبل (٥)، واللَّيْث.

التّوجيه:

وجهُ القولِ الأوّلِ: قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية (٦)، ولم يُفَرِّق بين الحُرِّ والعبدِ.

فإن قيل: إنَّ الخطابّ مُتَوجَّهٌ إلى الأحرار؛ لأنّ نَفَقَات زَوْجَات العبيد على ساداتهم، والله يقول: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} الآية (٧)، معناه: يكثر عِيَالكم، كذلك فَسَّرَهُ زَيْد بن أَسْلَم (٨).

والجواب: أنّ هذا التّفسير ممّا انفردَ به مالك، ولا يلزم؛ لأنّه لا يقالُ: عَالَ الرَّجلُ إذا كَثُرَ عِيَالُه (٩)، وإنّما يقالُ: عال إذا مال (١٠)، وعَالَتِ الفريضةُ إذا زَادَ حسابُها، والّذي قال به جماعة من أهل التّفسير أنّ معناه: لا تمِيلُوا (١١)، فَبَيَّنَ ذلك قولُه: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}: الآية (١٢).


(١) هذه المسألة مع توجيه أقوالها مقتبسةٌ من المنتقى: ٣/ ٣٣٦ - ٣٣٧. مع تصرف وزيادات.
(٢) الّذي في المنتقى من رواية أشهب عن مالك أنّه كان يقول: إنّا لنقول ذلك وما أدري ما هذا، وهو الّذي رواه عن ربيعة في الموطَّأ (١٥٦٢) رواية يحيى، وعقب عليه بقوله: "وهذا أحسن ما سمعتُ في ذلك".
(٣) انظر الأم: ٥/ ٤٤، والحاوي الكبير: ٩/ ١٩٣.
(٤) انظر مختصر الطحاوي: ١٧٦، ومختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٣٠٨، والمبسوط: ٥/ ١٢٤.
(٥) انظر المقنع، والشرح الكبير لابن قدامة، والإنصاف للمرداوي: ٢٠/ ٣٢٧.
(٦) النِّساء: ٣.
(٧) النِّساء: ٣.
(٨) فيما رواه الطّبريّ في تفسيره: ٤/ ٢٤١ بنحوه.
(٩) وإنّما يقال في هذا الموضع: أعال يعيل: إذا كثر عياله.
(١٠) يقول المؤلَّف في أحكام القرآن: ١/ ٣١٥ "وفي العَيْنِ [للخليل بن أحمد: ٢/ ٢٤٨،: العَوْلُ المَيْلُ في الحكم إلى الجَوْزِ".
(١١) انظر ما روي عن السّلف في هذه المسألة عند الطّبريّ في تفسيره: ٤/ ٢٣٩.
(١٢) النِّساء: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>