للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الثّالثُ الّذي للشّافعىَّ فموقوفٌ، كأنّه يقولُ: لا أدري، ومن لا يدري لا يَلْزَمُهُ الدّليلُ، يَقالُ له: غيرُكَ يدري هذا، ويقيمُ الدَّليلَ عليه.

فإن قالوا: فإذا كان نكاحُهُمَا فاسدًا، فلأَيِّ شيءِ يُقرَّانِ عليه إذا أسْلَمَا؟

قلنا: إنّما أَقرَرْنَاهُما عليه للضَّرُورةِ، لأنّا لو قلنا لهما: لا نُقِرّكُما، لكان تَنْفِيرًا، ونحنُ نريد إسلامَهُما، فرُبَّما لو عَلِمَا أنّهما لا يُقَرَّانِ عليه لَمَا دَخَلًا في الإسلام، وجميعُ ما عقَدَهُ المُشرِكانِ، إنَّ كان ممّا يجوزُ أنّ يُقَرَّا عليه أُقِرَّا عليه، مثل أنّ يتزوَّجَ امرأةً في عِدَّتِهَا، أو شبيهًا من ذلك، فإنّهما يُقرَّان عليه.

وإن كان ممّا لا يجوزُ أنّ يُقَرَّا عليه، فُرَّقَ بينهُما في حالِ الإسلامِ، مثل أنّ يتزوَّجَ الرَّجلُ منهم عَمَّتَهُ، أو خالَتَهُ، أو أُختَه، أو ما أَشبه ذلك، فلا يُقَرُّ هذا بوَجْهٍ في حَالِ الإِسلامِ.

مسألة:

فإذا أَسْلَمَ واحدٌ منهُمَا، فلا يخلُو أنّ يكونَ الّذي أَسلَمَ الزَّوْجُ أو الزّوجةُ، فإن كان الزَّوْجُ، فلا يخلُو أنّ تكونَ الزّوجةُ كتابيَّةً، أو مَجُوسِيَّةً، أو وَثنِيَّةً، فإن كانت كِتابِيًّة اُقِرَّ مَعَها؛ لأنّه يجوزُ له ابتداء العَقْدِ في الإسلام، وإن كانت وثنيَّة أو مجوسيَّة، قال مالك (١): ليعْرَض عليها الإسلام، فإن أَسلَمَتْ أُقِرَّتْ معه، وان لم تُسْلِم فُرَّقَ بينهُما؛ لأنّه لا يجوزُ ابتداء العَقْد على مجوسِيَّة، فلا يجوز الابتداء به.

وقال أشهبُ: يعرضُ عليها الإسلام طُولَ العِدَّةِ إلى انْقِضَائِهَا، وهي ثلاثة أقراء أو ثلاثة أطهار.


(١) في الموطَّأ (١٥٦٩) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>