للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رَسُولَ اللهِ، لَا تُخبِر أَحَدًا من أَزوّاجِك أَنِّي اختَرْتُك، قال: "إِنِّي لَمْ أُبْعَث مُعَنِّتًا". قالَت عَائِشَةُ أَكَانَ طَلَاقًا (١). وبهذا اسْتُغُنِيَ عن حديثِ قُرَيْبَة (٢) وشبهه (٣).

نكتةٌ بديعة (٤): في الفرق بين التّخيير والتّمليك

اختلفَ النّاسُ فِيهِمَا:

فمنهم من قال: هي واحدةٌ في الحُكمِ التّخيير والتّمليك.

ومنهم من فرّق بينهما، وإليه صَغَا مالكٌ، جعلَ التَّخييرَ ثلاثًا والتَّمليكَ واحدةً، في تفصيلٍ مَذهَبِىٍّ بيانُه في "الكتاب الكبير".

والحُجَّةُ فيه: أنّ الطَّلاقَ بِيَدِ الرَّجُلِ، فإذا صَرَفَهُ إلى المرأةِ فلا يخلُو من ثلاثة أوْجُهٍ:

١ - إمّا أنّ يصرِفَهُ إليها استنابةً وتوكيلًا، مثلَ أنّ يقولَ لها: طَلَّقي نفسَكِ، فيكونُ ذلك لها بِحسب ما يُعطِيهِ قولُه.

٢ - وإمّاَ أنّ يَصرِفَه إليها تمليكًا، وذلك على معنى الهِبَة، إذ التَّمليكُ إمّا أنّ يكونَ بعوَضٍ أو بغيرِ عِوَضٍ، فإن كان من غير عِوَضٍ فهو من قَبِيلِ الهِبَةِ، فيُحْمَلُ التبرُّعُ على الأقلّ، وهو الواحدةُ.


(١) الظّاهر - والله أعلم- أنّ هذا الحديث مركب من عدّة أحاديث مروية في البخاريّ ومسلم فانظرها فيهما تحت الأرقام التالية: البخاريّ (٤٧٨٥، ٥٢٦٣)، ومسلم (١٤٧٧) من حديث عائشة، والحديث (١٤٧٨) من حديث جابر.
(٢) هي بنت أبي أمية المخزومية، أخت أم سلمة، والحديث المذكور هو في الموطَّأ (١٥٩٥) رواية يحيى.
(٣) أي وشبهه من قول سعيد بن المسيَّب في الموطَّأ (١٥٩٨) رواية يحيى.
(٤) انظرها في القبس: ٢/ ٧٣١ - ٧٣٢، ولعلّ هذه النكتة هي المسألة الثّانية. وقد نقلها ابن الزهراء في الممهّد الكبير: الورقة ١٧ - ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>