وما لم يتعرّض له الأستاذ العابد هو ما يتعلّق ببعض خصائص النُّسخة من الإسقاط والإلحاقات والمقابَلَة؛ ولم نجد عبارة صريحة في آخر النُّسخة تدل أنَّ على النُّسخة مقابلة على الأصل المنتسخ منه، ولكن يقوم مقام العبارة الدالة على المقابلة وجود دارات بين فقرات النُّسخة، وفي "خلها نقطة إشارة المقابلة كما هو متعارف على ذلك عند علماء الضبط.
ولا نجازف إذا قلنا بأن الأصل الَّذي تفرعت منه هذه النُّسخة له صلة ما بنسخة كتبت في عهد المؤلِّف - رحمه الله -؛ لأننا لم نجد الترحم المعتاد في مثل هذه الحالة، بل على العكس فإنّ عبارة "وَفَّقَهُ الله تعالى وسدَّده" الَّتي وردت في أصل السِّفر لا يمكن أنّ تكون دعاء يتّجه إلى الميِّت؛ بل الأرجح أنّ تكون دعاء للحَيِّ، وفي ذلك ما يدلُّ على أنّ الأصل أو أصل الأصل احتياطًا يرجعُ إلى عهد المؤلِّف الَّذي وقع الدُّعاء له بالتّوفيق والتّسديد.
وأورد الناسخ مناقب أبي ذر ومعاذ وأبي هريرة وعمرو بن العاص والبراء بن عازب وبلال وسعيد بن معاذ. وقد سبق إلى المخاطر أنَّ ذلك قطعة من العارضة، وبالرجوع إلى مطبوعة العارضة تبيَّن أنَّ ما جاء في الوقتين أوسع وأطول وغير متطابق مع ما في العارضة، وقام احتمال أنّ تكون مطبوعة العارضة من أصل غير تام، ولكن ذلك غير مُتَّجه؛ لأنَّ سياق المناقب في العارضة هو غيره في الورقتين، إضافة إلى أنَّ المؤلِّف يتكلّم عن أبي عيسى الترمذي في سياق لا يدُّل على أنَّه يتناول أحاديث مؤلِّفه بالشرح.
أمّا نسبة ما في الوَرَقَتَيْن إلى أبي بكر ابن العربيّ فهي نسبة صحيحةٌ، تفطَّن إلى ذلك المرحوم بكرم الله تعالى الأستاذ العلَّامة العابد الفاسي في "فهرست