للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنُ شُعَيب، عن أبيه، عن جدِّه؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - "نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرطٍ" (١). ثمّ أتيتُ ابنَ أبي ليلى فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا، حدَّثني هشامُ بن عُرْوَةَ، عن أبيه، عن عائشة، أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال لها في بَرِيرَة: "اشتريها وأعتقِيها" الحديث. ثمّ أتيتُ ابنَ شُبرُمَة فأخبرتُه، فقال: لا أدري ما قالا، حدّثني مسِعَرُ بنُ كِدَامٍ، عن مُحَارِب بن دِثَارٍ، عن جَابِر بنِ عبدِ الله، قال: اشتَرَى النَّبىُّ مِنِّي ناقةً وشرَط لي حُملانّها إلى المدينةِ (٢).

فهذه أغراضٌ متفاوِتَةٌ في فهمِ مواقعِ ذِكْرِ الشّروطِ في الحديث، وقد رأيتُ لعبد الحميد الصَّائغ (٣) "جزءًا في تفصيل الشّروط" لكن على المذهب المالكي، قد أتقَنَ فيه ترتيبَ المذاهبِ في هذا الحديث، كنت قد كتبتُه بخطِّ يدي وقرأتُه، لكنه شذَّ عنِّي، والَّذي يحصُرُ الشّروطَ في الأغلبِ ردُّها إلى القواعدِ الّتي مَهَّدناها، وعرضُها عليها.

فلا يخلو وقوعُ الشروطِ في العَقدِ (٤)، والأمثلة في ذلك أربعة أمثلة:

الأوّل: إذا اشترى عبدًا من رجلٍ بشرطِ الهِبَةِ له أو لغيره، انفردَ بها مالك فقال: هو جائز.

وقال الشّافعيُّ: لا يجوزُ؛ لأنّه إنّما يحتمِلُ في البَيع لحرمةِ العتقِ وما فيه من التَّقَرُّبِ إلى الله.

قلنا: وكذلك يَحتملُ الهِبَةَ؛ لمَا فيها من المعروف والمواصلة وإسداءُ المعروف


(١) أخرجه أبو نعيم في مسند أبي حنيفة: ١٦٠.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط (٤٣٦١)، قال الهيثمي في المجمع: ٤/ ٨٥ "وفي طريق عبد الله ابن عمرو مقال" وانظر نصب الراية: ٤/ ١٧.
(٣) هو الإمام الاصولي النظّار عبد الحميد بن محمّد المعروف بابن الصائغ (ت. ٤٦٨) انظر أخباره في ترتيب المدارك: ٨/ ١٠٥، والجمهرة: ٢/ ٦١٥.
(٤) الظّاهر أنّه سقطت هاهنا فقرة لا يستقيم الكلام بدونها، وإليكموها كما في القبس: "ولا يخلو وقع الشرط في العقد من أنّ يكون ملائمًا لمقصود العَقْدِ ومقصود العاقد غير مطرق إلى العقد عددًا ولا موقع المال خسارة، فلا وجه لردِّه، هذا إذا كان مقصود العقد غير معارض لطريق من طرق الشّريعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>