للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت هذه كلُّها بيوعًا كان أهل الجاهلية يتبايعون بها، فنهى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - عنها؛ لأنّها من باب أكل المال بالباطل، لقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النِّساء: ٢٩] الآية (١).

الثّانية (٢):

والغَرَرُ يقعُ من قليلٍ وكثيرٍ، فالقليلُ مَعْفُوٌّ عنه، وأمّا الغَرَرُ الكثير المانع من صحَّة العَقْد يكون في ثلاثة أشياء:

أحدُها: العَقد.

والثّاني: أحد العِوَضَين: الثّمن أو المثمون، أو كلاهما.

الثّالث: الأجل فيهما أو في أحدهما.

فأمّا "الغَرَر في العَقد" فهو مثل نهي النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - عن بَيعَتَينِ في بَيعَةِ، وعن بَيعِ الْعُرْبَانِ، وعن بَيعِ الحَصَاةِ على أحد التأويلين، وما أشبه ذلك ممّا لا جهل فيه في ثَمَنٍ ولا مثمون، وإنّما حصل الغَرَر فيه بانعقاده بين المتبايعين على هذه الصّفات، ومن هذا المعنى بيع المَكيل والجُزاف في صَفقَةٍ واحدةٍ، والقولُ فيما يجوز من بيع الجُزاف والمَكِيلِ في صَفْقَةٍ واحدة (٣)، وعلى هذه الأنواع تتركّب المسائل في هذا الباب إنَّ شاء الله.


(١) النِّساء: ٢٩.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المقدِّمات الممهِّدات: ٢/ ٧٣.
(٣) الظّاهر أنّه سقطت هاهنا فقرة، نرى من المستحسن إثباتها في هذا الهامش وهي: " ... واحدة، يتحصل بأن يعلم أنّ من الأشياء ما الأصل فيه أنّ يُباع كَيلًا ويجوز بيعُه جزافًا كالحبوب، وأنّ منها ما الأصل فيه أنّ يُباع جُزافًا ويجوز بيعه كَيلًا كالأَرَضين والثَياب، وأن منها عروضًا لا يجوز بيعها كَيلًا ولا وَزْنًا كالعبيد والحيوان، فالجُزاف ما أصله أنّ يُباع كيلًا كالحبوب لا يجوز بيعه مع المكِيل منه، ولا مع المَكيل ممّا أصله أنّ يُباع جزافًا كالأرضين والثّياب باتِّفاق، والجُزاف ممّا أصله أنّ يباع جُزافا لا يجوز أنّ يُباع مع المَكِيل منه باتِّفاق أيضًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>