للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على محمَّد وآله وسلَّم تسليمًا

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربيّ - رضي الله عنه -:

الحمدُ للهِ الَّذي أكرمَنَا بأفضَلِ المِلَلِ، وَشَرفَنَا بأكْرم النِّحَل، ونَبَّهَنَا على قواعد الأحكام، وبَيَّنَ لنا الحلال من الحرام، وهدانا إلى الصّواب، وعلَّمَنا الكتاب، حتّى عرفنا بتوفيقه مثار الآراء ومنشأ الاختلاف، ومآخذ العِلَل ومواقع الزَّلَل، وأقدرنا إلى الحقِّ المنزل من السَّماء.

وإنّ آراء المجتهِدينَ في أحكام الدِّين ليست على سوانح النّصائح وفواتح المناهج، وإنَّ ما لا يوافقُ الشّرعَ المنقول، مطروحٌ وإنْ قبلته ظواهر العقول. ثمّ إنّ أحكام الله تعالى في الوقائع تفوت الحدّ وتتجاوز المَرَاد، مع استنباط المُرَاد الَّذي هو الأساس ومنه الاقتباس، وذلك في إبدل البدائع، فَسُبْحان منْ بعثَ في الأميِّينَ رسولًا منهم بشريعة، يحارُ (٧) فيها فحصُ الفاحصين وقصدُ القائسين. قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ الله مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ} الآية، إلى قوله: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (١)، وقال جلّ ثناؤُه: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} الآية، إلى قوله: {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} (٢)


(١) يونس:١٦.
(٢) العنكبوت: ٤٨ - ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>