للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع:

وما كان من بئرِ ماشيةٍ، فلا يَغرِس عليها أحد غَرْسًا ولا يُحيِي عليه حقًّا، قاله ابن كنانة (١).

مسألة:

فإذا ثبت ذلك، فالمَوَاتُ على ضربين: ضربٌ يَبعُدُ، وضربٌ يَقرُبُ.

فأمّا ما بعد، فقد قال مالك: يُحْيِيهِ بغير إذن الإمام، خلافًا لأبي حنيفة (٢) في قوله: ليس ذلك له إِلَّا بإذن الإمام، وقد رواه يحيى عن ابن نافع.

ودليلنا: قوله: "مَنْ أَحيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ" وهذا عامٌّ فحُمِلَ على عمومه.

فإن عمّرها بغير إذنه، ففي "كتابُ ابن سحنون" عن مالك: ما علمتُ اختلافًا بين أهل العلم أنّ من أحيا أرضًا ميِّتَةَ في بُعدٍ من العمارة بغير إذن الإمام فهي له.

وفي "المَدَنِيِّة" قال مالك في الغنيِّ يقتطعُ الموات البعيد بغير إذن الإمام: ينظر فيه الإمام، فإن رأَى أنّ يُقرَّه أقرَّه، وإن رأى أنّ يُخرِجه أخرجه (٣).

وأمّا ما قَرُبَ، فلا يحييه أحدٌ إلّا بإذن الإمام، رواه سحنون عن مالك وابن القاسم وأشهب، خلافًا للشّافعيّ (٤) في قوله: يُحييها من شاءَ بغير إذنه، ورواه ابن عبدوس عن أشهب، وبه قال كثيرٌ من العلماء من أصحابنا.


(١) قاله في كتابُ ابن سحنون، نصّ على ذلك الباجي في المنتقى، ووجه ذلك: أنّ بئر الماشية ممّا يملك أهله الانتفاع به، وما ملك قوم الانتفاع به على وجه خاص أو عامّ فليس لأحد أنّ يبطل حقّهم منه بالإحياء كالمراعي.
(٢) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٥١٨، والمبسوط: ٢٣/ ١٦٧.
(٣) الظّاهر أنّ المؤلِّف -رحمه الله- تداخلت عنده رواية العتبية مع رواية المدنية، فالقسم الأوّل هو من رواية المدنية وهو في المنتقي: ٦/ ٢٩ السطر: ١٤، والقسم الثّاني هو من رواية العتبية، وهو في المنتقي: ٦/ ٢٨ السّطر: ٧.
(٤) انظر الأمّ: ٨/ ١٠٢ وما بعدها (ط. قتيبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>