للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما نَفَشَت فيه لَيلًا ولا نهارًا، لقول النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلم: "جُرْحُ العَجْمَاءِ جُبارٌ" (١). وما قلناهُ أصحُّ (٢)؛ لحديث البَرَاءِ، وهو خاصٌّ يقضي على ذلك العامِّ، كما قَضَى على خُصُوصَةِ السَّوقِ والقَودِ والرُّكُوبِ.

وبحديث البَراء أخذَ مالكٌ أنّ على أرباب المَوَاشي ما أفسدت باللّيل، قَلَّ ذلك أو كَثُرَ، وإن بلغَ ذلك أضعاف قيمة الموَاشي لِرَبِّها لَمَّا لم يمنعها ولم يحفظها، فكأنّه هو الجاني الّذي جَنَى.

وقالت (٣) الحنفية: لا ضَمَانَ، لقوله: "جُرحُ العَجمَاءِ جُبَارٌ" واعتلُّوا أنّ الحديثَ مُرْسَلٌ.

والذي يدلُّ على صحّة الحديث، قولُه تعالى في قصة سليمان وداود حيث حَكَى الله عنهما حيث يقول: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} الآية (٤)، والنَّفْشُ لا يكون إِلَّا باللّيل (٥).

المسألة الثّانية (٦):

واختلف علماؤنا في فرع مُتَرَكِّبٍ على هذه المسألة، وهو إذا نَفَشَتْ في زرعٍ مُخظَرٍ أو مُطلَقٍ، فمنهم من قال: إنّما يكون الضّمانُ إذا كان الزّرعُ مُحظَرًا، ونزع في ذلك بنكتةٍ بديعةٍ وهو قوله: "نَاقَة لِلبَرَاءِ بن عَازِبٍ دَخَلَت حَائِطَ رَجُلٍ" والحائطُ إنّما


(١) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٣٤١) رواية يحيى، من حديث أبي هريرة.
(٢) وهو الّذي نصره القنازعي في تفسير الموطَّأ: الورقة ١٨٩ حيث قال: "والصّحيح في هذا ما قاله مالك وأهل المدينة".
(٣) من هنا إلى آخر المسألة نرجح أنّ يكون مقتبسًا من تفسير الموطَّأ للبوني: ١٠٥/ أ.
(٤) الأنبياء: ٧٨، وانظر أحكام القرآن: ٣/ ١٢٦٦.
(٥) وهو الدّليل الّذي استدل به المالكية كما في كتابُ الجدار للتطيلي: ٣٤٨ - ٣٤٩.
(٦) انظرها في القبس: ٣/ ٩٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>