للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول مالكٍ فيهما، فرَوَى ابن وهب عنه: لا يعتصر ولا تلزمه النَّفَقَة، ويرث معه الإخوة، ولا يكون بيده بضع بنات الابن. وروَى عنه أشهب أنَّهُما يعتصران (١)، وبه قال ابن عبد الحَكَم.

ووجه الأوّل -وهو المشهور في المذهب-: أنّ الجدّ لا تلزمه النّفقة فلم يكن له الاعتصار كالعمّ.

المسألة الثّالثة (٢):

إذا ثبت ذلك (٣)، فإنّ الأمّ لا تعتصر من يتيم، قاله محمَّد؛ لأنّ الهِبَةَ له صَدَقَة فلا تعتصر، وإن احتاج الواهب جَدًّا كان أو أُمًّا أو غير ذلك.

ووجه ذلك: أنّ ظاهر الهِبَة له (٤) الإشفاق عليه، وهذا معنى القُربة، فلذلك كان حكمها حكم الصَّدقة.

ورَوى ابنُ القاسم عن مالك (٥) أنّه قال: للأب أنّ يعتصر وإن لم يكن للولد أمّ، وليس للأمِّ أنّ تعتصر إذا لم يكن للولد أب؛ لأنّ اليتيم من قِبَلِ الأب، وهو قول جمهور أصحاب مالك.

ورَوَى محمّد عن أشهب؛ أنّ اليتيم إذا كان غنيًّا، فللأمِّ أنّ تعتصر إذا لم يكن له أب، فتعتصر منه كما تعتصر من الكبير، قال مالك: وللأم من الاعتصار ما للأب.

ووجه ذلك: أنّها أحد الأبوين، فجاز أنّ تعتصر. فإذا كان ذلك، وقلنا: لا تعتصر

من اليتيم، فوهبت ابنها الصّغير في حياة أبيه ثمّ مات الأب وهو صغير، لم يجز لها أنّ


(١) ووجه هذا القول: أنّه أدنى بالأبوَّة، ويقدّم في الميراث على الأخوة كالأب.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٦/ ١١٧.
(٣) أي أنّ الأم تعتصر.
(٤) أي لليتيم.
(٥) في المدوّنة: ١٥/ ١٣٧ (ط. صادر) في اعتصار ذوي القُربَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>