للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل في لفظٍ: "وَإِلَّا استُسعِيَ" من كلام قتادة؛ فإن صحَّ ذلك فعلى النَّدْب، كما قال -عَزَّ وَجَلَّ-: {فكاتبوهم إنَّ علمتم فيهم خيرًا} (١).

وحديثُ ابن سِيرِينَ (٢)؛ أنّ رجلًا في زمان رسول الله -صلّى الله عليه وسلم - أعتقَ عَبيدًا له سِتَّةً عند مَوتِهِ، فأسهمَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بينهُم، فأعتق ثُلُثَ تلك العبيدِ.

قال مالك: وبلغني أنّه لم يكن لذلك الرَّجل مال غيرهم.

قال الإمام: هذا الحديث مُرسَلٌ عند مالك (٣)، وقد أسنده غير مالكٍ (٤) فذكره عن ابن سِيرِين عن عِمرَان بن حصين، أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - أقرعَ بينهم.

مقدمة (٥):

اعلموا أنّ العِتْقَ من أفضل الأعمال وأعظم القُرُبات ثوابًا، جعَلهُ الله مخلصًا للأرِقَّاءِ الذين ابتلاهم به عقوبة، فَمَنَّ عليهم بالعِتقِ بعد ذلك نِعمَة خَلَّصَهُم بها، وآجَرَ المُتَوَلِّينَ له عليه. ولله تعالى عُتَقَاء، فأقربُ العبيد إليه من أعتق عبدًا بين يديه. قال النّبيُّ -عليه السّلام-: "مَا مِن امرِيءٍ مُسلِمٍ يعتقُ عَبدًا مُسلِمًا إِلَّا أَعتَقَ اللهُ بكُلِّ عُضوٍ مِنهُ عُضوًا مِنَ النّارِ حَتَّى الفرجَ بِالفرجِ" (٦) والآثارُ في فضيلة العِتقِ كثيرةٌ، بيانُها في "الكتاب


(١) النور: ٣٣.
(٢) في الموطَّأ ٢٢٤٤ رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٧٢٠، ٢٧٢١)، وسويد (٤٢٢)، وانظر تعليق بشاد عواد معروف على موطَّأ يحيى.
(٣) يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٣/ ٤١٤ "هكذا روى يحيى هذا الحديث عن مالك، عن يحيى ابن سعيد، وغير واحد. وتابعه طائفة من رواة الموطَّأ. وروته أيضًا جماعة عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن غير واحد عن الحسن وابن سيرين مثله مرسلًا".
(٤) انظر هذه الروايات المُسنَدَة في التمهيد: ٢٣/ ٤١٤ - ٤٢١.
(٥) انظرها في القبس: ٣/ ٩٦١.
(٦) أخرجه البخاريّ (٦٧١٥)، ومسلم (١٥٠٩) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>