للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك المرْسَل عنده سواء (١)، ألا ترى أنّه يُرسِلُ حديثَ الشُّفْعَةِ (٢) ويعملُ به (٣). وُيرْسِلُ حديثَ اليمينِ مع الشَّاهِدِ (٤)، وُيوجِبُ العملَ به (٥). ويُرْسِلُ حديثَ ناقةِ الْبَرَاء بن عازِبٍ في جِنَايَاتِ المَوَاشي (٦)، ويرى العملَ به (٧)، ولا يرى العملَ بحديثِ خِيَارِ المتبايِعَتيْنِ (٨)، ولا بنجاسة ما ولغ الكلب (٩) فيه، ولم يدر ما حقيقة ذلك كلَّه (١٠).

وقال أبو جعفر الطّبريّ: "إنّ التَّابعين بأسرهم أجمعوا على قَبُولِ المُرْسَلِ، ولم يأتِ عنهم إنكاره، ولا عن أحدٍ من الأيمَّةِ بعدّهُم إلى رأس المئتين" كأنّه يعني أنّ الشَّافعيَّ أوّل من أبَى أن يقولَ بالمرسَلِ أو يأخذ به.

وأمّا أبو حنيفةَ وأصحابه؛ فإنّهم يقبَلُونَ المُرْسَلَ ولا يردّونَه إلَّا بما يردُّون به المُسْنَد من التَّأويل والاعْتِلاَل.

واختلَفَ الناسُ في مَرَاسِلِ الحسنِ بنِ أبي الحسن البصريّ (١١)، فقَبِلَها قومٌ، ورَدَّها آخَرُون.


(١) وهو الذي نصّ عليه ابن القصار في مقدمته: ٧١، وانظر إحكام الفصول للباجي: ٣٤٩، وتنقيح الفصول للقرافي: ١/ ١٢٥.
(٢) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٠٧٩) رواية يحيى.
(٣) يقول مالك في تعليقه على الحديث السابق: (وعلى ذلك السُّنَّةُ التي لا اختلاف فيها عندنا".
(٤) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢١١١, ٢١١٣) رواية يحيى.
(٥) يقول مالك عقب إيراده الأحاديث السابقة: "مَضَتِ السُّنَّة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد".
(٦) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢١٧٧) رواية يحيى.
(٧) راجع مقدمة ابن القصار: ٧٣ مع الحاشية.
(٨) أخرجه مالك بن الموطَّأ (١٩٥٨) رواية يحيى، وقال مالك عقبه: "وليس لهذا عندنا حدٌّ معروف، ولا أمرٌ معمولٌ به فيه"، وانظر مقدمة ابن القصار: ٦٧.
(٩) أخرجه مالك في الموطَّأ (٧١) رواية يحيى.
(١٠) قال ابن مالك في المدونة: ١/ ٥ (تصوير صادر) "قد جاء هذا الحديث وما أدري ما حقيقته".
(١١) يستحسنُ الرجوع في هذا الموضوع إلى كتاب "المرسل الخفيّ وعلاقته بالتدليس: دراسة نظرية وتطبيقية على مرويات الحسن البصري" لشريف مكة الأستاذ النابغة: حاتم العوني (ط. دار الهجرة، الرياض).

<<  <  ج: ص:  >  >>