للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع:

ومن أشار على رَجُلٍ بسيفٍ فماتَ، فقال محمّد: إنَّ تَمَادَى بالإشارةِ وهو يفرُّ منه فطلبه حتّى مات، فعليه القصاص.

وقال ابن القاسم: إنَّ طَلَبَهُ بالسّيفِ حتّى سقطَ فمات، فليقسم أولياؤه أنَّه مات خوفًا منه ويقتلونه.

والفرق بينه وبين مسألة محمّد، أنّه يحتمل أنّ يكون مات من السَّقْطَة وهي من فعل نفسه، فلذلك كانتِ القَسَامَة، وفي المسألة الأُولى لم يوجد شيءٍ من فعله يحمل عليه موته، فلم تجب فيه قَسامَة، وبه قال ابن القاسم، وابن حبيب، وابن الماجشون (١).

مسألة:

وأمّا شبه العمد، فاختلف فيه قول مالك، فمرّة أثبته ومرّة نفاه، ورَوَى عنه ابن القاسم (٢) أنّ شبه العَمَد باطلٌ. وقال ابنُ وَهب بإثباته، رواه ابن حبيب عنه، وعن ابن شهاب، وربيعة، وأبي الزّناد، وحكاه أصحابنا العراقيّون عن مالك، وبه قال أبو حنيفة (٣) والشّافعيّ (٤).

وقال عبد الوهّاب (٥): وجه نفيه؛ قولُه تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} الآية (٦)، وقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} (٧). فلم يذكر غيرهما.

ومن جهة المعنى: أنّ الخطأ معقولٌ، والعَمْدَ معقولٌ، ولا يصح أنّ يكون لهام ثالث، ولا يصحّ وجود القَصْد وعدمه لكونهما ضِدَّين.


(١) الّذي في المنتفى عن ابن الموّاز: "وبه قال ابن الماجشون والمغيرة وابن القاسم وأَصْبَغ".
(٢) في المجموعة، نَصَّ على ذلك الباجي.
(٣) انظر كتاب الأصل: ٤/ ٤٣٧، ومختصر اختلاف العلماء: ٥/ ٨٥.
(٤) انظر الحاوي الكبير: ١٢/ ٢١٠ - ٢١١.
(٥) انظر المعونة: ٢/ ١٣٠٧.
(٦) النِّساء: ٩٢.
(٧) النِّساء: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>