على وُجُوبِ القولِ به، فإنّما يتناولُ الغالبَ دون الشاذ النادِرِ الّذي لا يَخطِرُ ببالِ القائلِ " وصدَقَ، فإن العموم إنّما يكونُ عموما بالقَصدِ المقارِنِ للقَوْلِ،* فما قُطِعَ على أنّ القائل لم يَقصِده، لا يتناولُه القولُ*، وعلى هذا يتناوَلُ الحُكمُ في العُمومِ ما يُغتَرضُ عليه بالإبطالِ. ولو أدخَلنَا المرأةَ في التّغريبِ لاعتُرِضَ بالإبطالِ على التّحصين الّذي لأجله شُرعَ الحدُّ. وكذلك العبدُ لم يَرَ مالك تغريبَهُ، لا لأجل أنّه لم يدخُلْ تحتَ العُمومِ كما قلنا في المرأة. ولكن عارَضَه حقُّ السَّيِّدِ، فَقُدِّمَ على حقِّ الله؛ لفَقرِ السَّيِّدِ، والله هو الغنيُّ الحميدُ.
فإن قيل: فلِمَ لم يَسقُطِ الحدُّ مراعاةً لحقِّ السَّيِّدِ؟
قلنا: الحدُّ هو الأصلُ والتّغريبُ تَبَعٌ، فلأجل ذلك أقمنا الأصلَ الّذي لا يَقْطَعُ
بالسَّيِّد من حقّه، وتركنا التَّبَعَ الّذي يُعتَرضُ عليه بالإبطال.
قلنا: هذا الحديثُ الواردُ عن عُبَادَةَ منسوخٌ قطعًا بمِثله في الوُرُودِ بحديثِ ماعزٍ والغامديةِ والعَسِيفِ، فإن النّبيِّ -عليه السّلام- لم يتعرض للجَلدِ في واحدٍ منهما، وقد كان ذلك بعدَهْ، فتَمَّ النَّسخُ بشَرطِهِ.