للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا يتبيّن أنّ الشّكوى تُبطلُ الإقرارَ، ولذلك نقولُ: إنَّ المريض إذا طلَّقَ في حرجِ المَرَضِ، لا ينفذُ طلاتُه إذا تَثبَّجَ من المرضِ قَولُه، وهو كذلك أيضًا، وهو الحكم السّابع.

الحكم الثّامن:

قال الّذي الحديث (١): "أَشَرِبَ خمْرًا؟ " فكان دليلًا على أنّ السّكران لا يجوزُ إقرارُهُ، وقد اختلف العلّماءُ في ذلك على أقوال عديدةٍ جملةً وتفصيلًا، واختلف أربابُ مذهبنا كاختلافهم، والذين اعتبروا قولَ السّكرانِ قالوا: إنَّ عقله زالَ بمعصيةٍ، فَجُعِل كالموجودِ حكمًا، والمعصيةُ قد أَخذت حقَّها في الإثمِ وفي الحدِّ، وجَعلُ المعدومِ موجودًا حُكمًا يفتقرُ إلى دليلٍ، وقولُ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "أَشَرِبَ خَمرًا؟ " يحتملُ أنّ يكون قال ذلك إذ كانتِ الخمرُ محلَّلَةَ. قال: وهذه حكايةُ حالٍ وقصّة عين يتطرّقُ إليها الاحتمالُ، فيسقُطُ بها الاستدلالُ، لكن يبقى أصلُ الدّليلِ من أنّ العقل ذاهبٌ. قال لي بعض أشياخي: لم يختلف قولُ مالكٍ أنّه إنَّ قتَلَ سكرانُ أنَّه يُقْتلُ به، وهذا عندي لعظيم حُرْمَةِ القتلِ، فأمّا سائرُ الأحكام فيهونُ أمرُها.

الحكم التّاسع:

قولُة: "أنِكْتَهَا" (٢) لا يَكْنِي، وافْتَقَرَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - إلى ذلك لبيانِ سببِ الحدِّ بعد أنّ تكررَّ الردُّ.

والحد لا يكون عندنا إِلَّا بعَشَرةِ أوصافٍ مُعْتَبَرَةٍ:

وَطءٌ.

مُحَرَّمٌ.

مُحْصَن.


(١) أي حديث مسلم (١٦٩٥) عن بريدة بن الحصيب.
(٢) أخرجه البخاريّ (٦٨٢٤) من حديث ابن عبّاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>