للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصَّحيحُ أنّه كان يستقبِلُ الكعبةَ والبيتَ أحيانًا، والله أعلم.

وقال الشيخ أبو عمر (١): "إنّه كان يستقبِلُ بمكَّةَ الكعبة، فلمّا قدِمَ المدينةَ استقبَلَ بيتَ المَقْدِسِ ستّةَ عشرَ شهرًا، أو سبعةَ عشرَ شهرًا، ثمّ وجّهه اللهُ إلى الكعبة، وهذا أصَحُّ القولينِ عندي".

والقول الثاني: روى يُونُسُ بنُ بُكَيرٍ عن ابنِ إسحاقَ؛ قال: إنّ جبريلَ أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صبِيحَةَ الإسراءِ، فهمزَ له بِعَقِبِهِ في ناحية الوادي، فانفَجَرَتْ عينٌ من ماءٍ، فتوضَّأَ جبريلُ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْظرُ إليه، فتوضَّأَ إلى الكعبين (٢) ونَضَحَ فَرْجَهُ، ثمّ قامَ فصلَّى ركعتين وأربعَ سَجَدَاتٍ (٣).

وهذا- والله أعلم- إنما أخذَهُ ابنُ إسحاق من حديث زَيْد بن حارثة، رواه عُقَيلُ ابنُ خالدٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عُروَةَ، عن أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ، عن أبيه زَيْدِ بنِ حارثةَ؛ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أوّل ما أُوحِيَ إليه أتاهُ جبريلُ فعلَّمه الوضوءَ والصلاة، فلما فرغ من الوضوء، أخذ غَرْفَةً من ماء فنضح بها فَرْجَهُ (٤).

قال الشّيخُ- أَيَّدَهُ الله (٥) - قوله: "أوَّلُ ما أوحِيَ إليه في الصّلاة" وهذا يدلّ على أنَّه


(١) في الاستذكار: ١/ ٣١ - ٣٣ (ط. القاهرة) والكلام التالي مقتبس من الكتاب المذكور.
(٢) الظاهر أنه سقطت في هذا الموضع عبارة رأينا إثباتها من الاستذكار، وهي: "فوّضأ وجهه، واستنشق، ومَضْمَضَ، ومسَحَ برأسه وأذُنَيْهِ وغسل يديه إلى المرفقين، ورجليه إلى الكعبين".
(٣) رواه ابن عبد البر في الاستذكار: ١/ ٣٣ (ط. القاهرة)، والطبري في تاريخه: ١/ ٥٣٥ (ط. دار الكتب العلمية)، وابن عساكر في الأربعين:٥٠، وأورده ابن هشام في السيرة: ٢/ ٨٣ (ط. دار الجيل).
(٤) أخرجه أحمد: ٤/ ١٦١، ومن طريقه الطبراني في الكبير (٤٦٥٧)، كما أخرجه البيهقي: ١/ ١٦١، وابن عبد البر في الاستذكار: ١/ ٣٤ (ط. القاهرة). قال الهيثمي في مجمع الزوائد: ١/ ٢٤٢ "رواه أحمد وفيه رشدين بن سعد وثّقه هيثم بن خارجة وأحمد بن حنل في رواية, وضعّفه آخَرون".
(٥) وقع في الفقرة التّالية اضطراب، ولا نعلم هل هو اضطراب من الناسخ أم من المؤلف رحمه الله، وكلام الشيخ كما هو في الاستذكار ١/ ٣٤ كما يلي: ومعنى قوله: في أول ما أوحي إليه، أي أوحي إليه في الصلاة. وهذا دليل على أنه لم يصل صلاة قط بغير طهور، ولهذا قال مالك في حديثه عن عبد الرحمن بن القاسم حديث عِقْدِ عائشة حين فقدوا الشمس وهم على غير ماء: فنزلت آية التيمم، ولم يقل: فنزلت آية الوضوء، وآية الوضوء وإن كانت مدنية فإنما كان سبب نزولها التيمم".

<<  <  ج: ص:  >  >>