للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيهَا، فَبَكَى. ثُمَّ قالَ: "يَا مُزَاحِمُ، أَتَخْشَى أَنْ نَكُونَ (١) مِمَّنْ نَفَتِ المَدِينَةُ؟ ".

قال الإمام (٢): هذا إشفاقٌ منه، وقد خرج الفضلاءُ الجِلَّةُ منها ولم يخافوا ما خَافَهُ عمر، وما الخوفُ والإشفاقُ والتّوبيخُ لنفس إِلَّا زيادةً في العمل.

وذَكَرَ أهلُ السِّير (٣) أنّ خروجَ عُمَرَ مع مُزَاحِم مَزلَاهُ (٤) من المدينة كان في رمضان سنةَ ثلاثٍ وتسعين، وذلك أنّ الحجَّاجَ كتب إلى الوليدِ، أنَّ عمرَ بنَ عبدِ العزيز بالمدينة كهفٌ لأهل النّفاقِ وأهلِ البغضاءِ والعداوةِ لأمير المؤمنين، فجاوَبَهُ الوليدُ: إنِّي أَعْزِلهُ، فعزَلَهُ، وولَّى عثمانَ بنَ حَيِّانَ المُرِّيَّ (٥)، وذلك في شهرِ رمضانَ المذكررِ (٦). فلمّا صار عمر بالسُّوَيداءِ، قال لمُزَاحِم: يا مزاحمُ، أخافُ أنّ نكونَ ممّن نفتِ المدينةُ.

قال ميمونُ بنُ مِهرَانَ: ما رأيتُ ثلاثةً مجتمعين خيرًا من عمرَ بن عبد العزيز، وابنِهِ عبدِ المَلِكِ، ومولاه مُزَاحِمٍ (٧).


= (٦٣٦)، وابن مهدي عند ابن صعد في الطبقات: ٥/ ٣٩٦.
(١) عند أبي مصعب: "أنّ تكون، وكذلك ضبطه الزرقاني في شرحه: ٤/ ٢٢٦ ثمّ قال: "ويحتمل أنّ قوله: نكون بالنون، أي: أنا وأنت".
(٢) هذا الشرح مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ٣١ - ٣٢، وانظر التمهيد: ٢٢/ ٢٣١.
(٣) كالإمام الطّبريّ في تاريخه: ٦/ ٤٨١ - ٤٨٢.
وانظر: الكامل لابن الأثير: ٤/ ١٢٩، والبداية والنهاية: ٩/ ٩٣ - ٩٤، وتاريخ الإسلام للذهبي: ٢٦١، حوادث سنة: ٩٤.
(٤) هو مُزَاحم بن أبي مُزَاحِم المكيّ، انظر تهذيب الكمال: ٧/ ٨٧ (٦٤٧٦).
(٥) انظر أخباره في تهذيب الكمال: ٥/ ١٠٦ (٤٣٩٥)، والتحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة للسخاوي: ١/ ٢٤٢.
(٦) نصّ على ذلك خليفة بن خياط في تاريخه: ٣١٢.
(٧) أورد هذا القول المزي في تهذيب الكمال: ٧/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>