أما أستاذهما الشيخ الإمام يوسف القَرَضَاوي -أطال الله عمره- فيسألان الله تعالى أن يبقيه سَقْفًا لهذه الأمّة (١)، محروسًا بالرّعاية، محفوفًا بالعافية، مُوَفَّقًا دائما للرّشاد.
وفي الختام يقول صاحبنا: انتهيتُ من كتابة هذه الطَّليعة في يوم عرفة المشهود، الّذي تزول فيه الشرور، وترتفع الأحقاد، وتعمُّ المساواة، ويسودُ السّلام، ويجتمع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم في صعيدٍ واحدٍ، لباسهُم واحدٌ، يتوجّهون إلى رَبٍّ واحدٍ، ويصيحونَ بلسانٍ واحدٍ: لبّيكَ اللهمّ لبّيك، وفي ظل هذا الصوت القدسي المجلجل، أحسستُ كَأنني قد خرجتُ من نفسي، وانفصلتُ عن حاضري، وأصبحتُ في عالَمٍ طَلْقٍ لا أثرَ فيه لقيود الزّمان والمكان، وسمعتُ صوتًا آتيا من بعيد، يقول:"أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، وفي شهركم هذا، وفي بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهمّ اشهد" وفي صباح يوم عيد الأضحى المبارك، طالعتنا الأخبار -في استفزاز للمسلمين ظاهر- بما جرى في دار السلام بعراق الرشيد وصلاح الدين، وما آلت إليه الأوضاع في صومال العروبة والإِسلام، أخبار هائلة تصدع لهولها القلوب قلوب المؤمنين حُزنا وألَمًا، وتندى لها الجباه حَيَاءً وخَجَلًا، وتَكِلُّ عن وصفها الألسنة دَهشةً وتفظّعًا، فشعرتُ في صدري بنيران مشتعلة تخنقني، فعدتُ إلى القلم، وهو يكاد يصرخُ في يدي ويبكي، ويكاد
(١) هذا التعبير من ابداعات المؤرخ الثبت الأستاذ عماد الدين خليل في مكالمة هاتفية معه في ثغر العروبة حيث يرابط بمدينة الموصل -حرسها الله من شَرِّ المحتلِّين الغاصِبين وأعداء الأُمَّة الحاقدين-.