للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ حَقًّا فَقَدِ اغتَبتهُ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بَهَتَّهُ" (١) إِلَّا أنّ يكون تشاور فيه، كالخِطبَةِ والشَّهادة وما أشبه ذلك.

وأمّا الكافر فتجوز غِيبَتُه في غير وجهه، ولا تجوز في وجهه؛ لأنَّه يتأذَّى بذلك، ولم تكن له الذِّمَّة إِلَّا بالسَّلامة في المال والعِرضِ والدَّم.

فإن قيل: فما معنى هذا الحديث إذا لم تصحُّ غِيبَة الفاسق؟

قلنا: معناه أنّ المؤلَّفةَ قلوبُهُم على ضربين: منافق لا مَطْمَعَ فيه، ومنافق مخلخل الإيمان، فلمّا عَلِمَ النّبيُّ -عليه السّلام- أنَّه لا مطمع فيه اغتَابَهُ، ألَّا ترى قول عمر لمّا قوِيَ الإِسلامُ قال للمؤلَّفَة قلوبهم: "لا حاجةَ لنا بإِعطَائهم" (٢) ولهذا يجوز غيبة الزِّنديق لأنّه أكثر من الكافر.

حديث مالك (٣)؛ عن عمِّه أبي سُهَيلِ بنِ مالكٍ، عن أبيه، عن كعبِ الأحبارِ؛ أنَّه قال: إِذَا أَحبَبتُم أَنْ تَعلَمُوا مَا لِلعَبدِ عِنْدَ الله، فَانظُرُوا مَاذَا يَتبَعُهُ من حُسنِ الثَّنَاءِ.

قال الإمام: يعني بعد موته (٤).

الفوائد المنثورة:

الفائدةُ الأولى (٥):

أنّ تعلم أنَّ أصحاب النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - لا يُثنُون على أحدٍ إِلَّا بصدقٍ، ولا يمدحون أحدًا إِلَّا بحق، لا لشيءٍ من أعراض الدُّنيا شهوةً أو تُقيَةً.


(١) أخرجه أحمد: ٢/ ٢٣٠، ٣٨٤، ٣٨٦، ٤٥٨، ومسلم (٢٥٨٩) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: ٧/ ٢٠ بنحوه.
(٣) في الموطَّأ (٢٦٣٠) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٨٨٦)، وسويد (٦٥٠).
(٤) هذا القول مقتبسٌ من الاستذكار: ٢٦/ ١٢٣.
(٥) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ١٢٤ - ١٢٥، بتصرُّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>