للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظهرن منه (١). وكلُّ ثوب لا يستر فلا يجوز لباسه بحالٍ، إِلَّا مع ثوبٍ يستره.

حديث أبي هريرة؛ قال: قال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "صِنفَانِ من أَهل النَّارِ لَمْ أرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُم سِيَاطٌ كأَذنَابِ البَقرِ يَضرِبُونَ بِهَا، وَنسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِياتٌ" (٢) وفي لفظ آخر (٣): "مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ، لَا يَدخُلنَ الجَنَّةَ، وَلَا يَجِدنَ رِيحَهَا، وإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ من مسِيرَةِ خَمسِ مِئَةِ سَنَةٍ".

المعاني:

فمعناه (٤): كاسياتٌ بالاسمِ، عارياتٌ في الحقيقة؛ إذ لا تستُرهُنَّ تلك الثِّياب (٥).

وقولُه: "مَائِلَاتٌ" يعني عن الحقِّ، "مُمِيلَاتٌ" لأزواجهنَّ إلى هواهنَّ (٦).

الثّانية (٧):

قوله: "لَا يَدخُلنَ الجَنَّةَ" إلى آخر قوله، مُقَيَّدٌ عندي بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٨)، وقولِهِ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (٩)، وقولِهِ: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} (١٠).

حديث مالك (١١)؛ عَنْ يَحيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَامَ،


(١) انظر الفقرة السابقة في القبس: ٣/ ١١٠٣ - ١١٠٤.
(٢) أخرجه مسلم (٢١٢٨)، وورد مُسْنَدًا في الاستذكار: ٢٦/ ١٨٢، والتمهيد: ١٣/ ٢٠٤.
(٣) في الموطَّأ (٢٦٥٢) رواية يحيى.
(٤) وهو الفائدةُ الأولى، والكلام مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٨٢.
(٥) يقول ابن حبيب في شرحه لغريب الموطَّأ: الورقة ١٤٦ "يعني بقوله: نساء كاسيات عاريات: أنَّهُنَّ يلبسن الخفيف الّذي لا يواري ما تحته، أو الرَّقيق الصفيق الذي يصف محاسنهن، فهن كاسيات من أجل ما عليهن منه، عاريات من أجل أنّه لا يواري محاسنهنّ إذا خرجن، وإنّما يُكرهُ للنِّساء لباس مثل هذا إذا خرجن، أو دخل عليهنّ أحد من الرِّجال، فأمّا في بيوتهنّ أو عند أزواجهنّ فلا حَرَجَ في ذلك".
(٦) يقول عبد الملك في شرحه لغريب الموطَّأ: الورقة ١٤٦ "وأمّا قوله: مائلات، فيعني أنّهن يتمايلن في مشيهنَّ ويتبخترن حتَّى يفتنَّ من مررن به، وقوله: مميلات، يعني مميلات من أطاعهنَّ" وانظر المنتقي: ٧/ ٢٢٤، وكشف المغطَّى: ٣٤٨.
(٧) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ١٨٢ - ١٨٣.
(٨) النِّساء: ٤٨.
(٩) الأنفال: ٣٨.
(١٠) غافر: ٧.
(١١) في الموطَّأ (٢٦٥٣) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>