للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدةُ الثّانية:

قوله: "فَسَاَلْتُ، مَنْ هَذَا؟ فقيل: عِيسَى بنُ مَريَم" اختُلِفَ في هذا الاسم على أقوال ثلاثة:

الأوّل: أنّ مريم بالعبرانيّة خادمةُ الله.

الثّاني: قيل: إنّه مشتقٌ من رمتُ، أي طلبت.

الثّالث: قيل: إنّما سمّيت مريم لأنّها مَرّتْ في طاعة الله مرور الحوت في اليَمِّ. والأوَّلُ أحسن.

ومن كرامة مريم: أنّ الله تعالى اصطفاها وطهَّرها على نساء العالمين؛ لأنّها عرض عليها التَّزويج فلم تتزوّج وأبت، قال الله تعالى: لا جَرَمَ أني أعطيتُكِ مقصودَ النّساء من الرِّجال، وهو ثلاثة أشياء: الشَّهوة، والولد، والنّفقة. وجعلتُ شهوتَكِ في ذكري وأعطيتُكِ الولد من غير أب، وأنفذتُ لكِ الرِّزق من الجنّةِ.

وأنواعُ رزقها من أربعة أشياء:

١ - من الجنَّة أعلى شيءٍ.

٢ - ومن النخل أحلى شيءٍ.

٣ - ومن الجَرَادِ أَخلَى شيءٍ.

٤ - ومن المسك أعذب شيءٍ.

روى أبو أُمَامَةَ الباهلي، عن النّبيّ -عليه السّلام- "أنّ مريم قالت: اللَّهُمَّ ارزقني لحمًا بغير دمٍ، فرزقها الله الجراد".

الفائدةُ الثّالثة:

عيسى هو آية الله؛ لأنّ الله تعالى خَلَقَ آدم ردًّا على الملائكة، وبدأ خَلْقَ عيسى ردًّا على الطبائعيّة، وبدأ خلق آدم بقوله: {كُن} (١) وبدأ خَلْقَ عيسى بقوله: {كُن} وبدأ خَلْقَ آدم من تراب، وبَدَأَ خَلْقَ عيسى أيضًا من تراب، وبدأ خلق آدم من غير أب. ولا أمّ،


(١) آل عمران: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>