للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء في الضّيافة، فرآها اللَّيث بن سعد واجبة (١)، لقول النّبيّ عليه السّلام: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فَليُكرِمْ ضيفَهُ، جَائِزَتُهُ يومٌ وليلةٌ، وما زادَ على ذلك فهو صَدَقةٌ" (٢).

وروي أنّهم قالوا: يَا رَسولَ الله، نمرُّ بهم فلا يَقرُونَا. فقال النّبيُّ -عليه السّلام-: "خُذُوا الّذي لكم" (٣).

فمن العلماء من قال: إنّه منسوخٌ بأخبارٍ (٤)، من جملتها: "لا يحلُّ مالُ امْرِئٍ مسلمٍ إلّا عن طيبِ نفْسٍ منهُ" (٥).

ومن النَّاس من قال: إنّها جائزةٌ في القُرى حيث لا طعام ولا مأوى، بخلاف الحواضر؛ فإنّ كلّ من دخلها يجد فيها أين يأوي وما يشتري (٦).

والحديث الأوَّل لا حُجَّةَ فيه؛ لأنّ النّبيّ عليه السّلام قال: "فَليُكْرِمْ ضَيْفهُ" (٧).

والكرامةُ ليست بواجبةٍ (٨)، والذي يتنخّل عند التّحقيق حسب ما بينَّاه في "شرح الصّحيح" أنّها فرض على الكفاية كسائر فروض الكفايات.

المسألة الثّانية (٩):

قوله: "وَأَوَّلُ النَّاسِ اخْتَتَنَ" رُوِيَ عن أبي هريرة حديثٌ موقوفٌ، عن النّبيّ عليه


(١) حكاه في أحكام القرآن: ٣/ ١٠٦١.
(٢) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٦٨٧) رواية يحيى.
(٣) أخرجه البخاريّ (٢٤٦١)، ومسلم (١٧٢٧) من حديث عقبة بن عامر.
(٤) ذكر المؤلِّف في أحكام القرآن: ٣/ ١٠٦١ أنّ القول بالنسخ ضعيف؛ لأنّ الوجوب لم يثبت، والناسخ لم يَرِد.
(٥) رواه أحمد مطولًا: ٥/ ٧٢، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١٦٧١)، والدارقطني في سننه: ٣/ ٢٦ كلهم عن أبي حرة الرقاشي عن عمه. كما أخرجه الدارقطني: ٣/ ٢٦ من حديث عمرو بن يثربي، قال عنه الزيلعي في نصب الراية: ٤/ ١٦٩ إسناده جيد.
(٦) أمّا إذا كان عديمًا، فهي فريضة، قاله المؤلِّف في الأحكام: ٣/ ١٠٦٢.
(٧) أخرجه البخاريّ (٦٠١٩)، ومسلم (٤٧) من حديث أبي شُرَيْح الخُزاعيِّ.
(٨) عبارة المؤلِّف في الأحكام: ٣/ ١٠٦١ "والكرامة من خصائص النّدب دون الوجوب".
(٩) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ٢٤٤، والباقي ما عدا السّطر الأخير مقتبس من المنتقى: ٧/ ٢٣٢ - ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>