للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسناد:

قال الإمام: الحديث مسندٌ صحيحٌ، خرجه الأيمّة، وفي "مسلم" (١) وانفرد به: "وطعامُ الأربعةِ يكفي الثّمانيةَ".

الأصول:

قوله (٢): "طَعَامُ الواحِدِ كَافِي الاثْنِيَنِ" لفظُهُ لفظ الخبر، ومعناه الأمر، كأنّه أراد. المواساة والمكارمة وأن لا يأكل أحد وحده.

قال الإمام: انظروا أبدّا كلّ خبر وَرَدَ إنَّ كان ظاهرُهُ الخبرَ ومعناهُ التّكليف أو ما يعلّق بالتّكليف فمعناه الأمر، وإن تعلَّق بتكليف فهو خبر المعاني.

قال علماؤنا (٣): هذا الحديث يدلُّ على أنّ الكفاية ليست بالشِّبع والاستبطان، كما أنّها ليست بالغنى.

وقال أبو حازم (٤): إذا كان ما يكفيك لا يُغْنيك، فليس شيءٌ يغنيك (٥).

وفي الحديث دليلٌ على أنّ القوم كانوا لا يشبعون (٦)، وكانوا لا يُقدِّمون الطّعام إلى أنفسهم حتّى يشتهوه، فإذا قدّموه أخذوا منه حاجتَهُمْ ورفعوه وفي أنفسهم بقيةٌ من شهوته. وهذا عن أهل الطِّبِّ والحكمةِ أفضلُ ما يستدامُ به صحّة الأجسام.

وروي عن النّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "مَا مَلأَ ابنُ آدمَ وعاءً شَرًّا من بَطْنٍ، حسبُ ابن آدم أكلتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، ثُلُثٌ لطعامه، وثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وثُلُثٌ لنَفَسِهِ (٧) " (٨).


(١) الحديث (٢٠٥٩).
(٢) أي قول - صلّى الله عليه وسلم - في حديث مسلم السّابق.
(٣) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٦/ ٢٩٣، وهو الفائدةُ الأولى.
(٤) هو أبو حازم سليمان بن دينار الأعرج، المديني الزّاهد.
(٥) رواه أبو نعيم في الحلية: ٣/ ٢٣٨، وذكره ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٩/ ٢٥.
(٦) أي لا يشبعون كلّ الشبع.
(٧) سبق تخريجه صفحة: ٣٤٤ من هذا الجزء.
(٨) إلى هنا ينتهي الاقتباس من الاستذكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>