للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سحنون: إنّما هي على أهل القُرَى، وأمّا أهل الحَضَر فالفندقُ ينزلُ فيه المسافرُ (١).

وحجّته في ذلك الحديث الصّحيح (٢)، قوله: "الضِّيافةُ على أهلِ الوَبَرِ، وليست على أهلِ المَدَرِ" (٣).

وقال بعضهم (٤): هذا حديثٌ موضوعٌ وَضَعَهُ ابنُ أَخي عبد الرزّاق وهو متروك الحديث، ومالك أعلم وأقعد بهذا الحديث.

وأمّا مذهب الشّافعيّ فإيجاب الضّيافة على أهل البادية والحاضِرَة (٥)، حقٌّ واجبٌ في مكارم الأخلاق (٦).

وتعلّقَ الشّافعيُّّ بالعموم وأنّ الضّيافة من جملة الإيمان، وواجبةٌ لأهل الكَرَمِ والإكرام.

قال الإمام: وحجَّةُ مالك أقوى مِنْ تعْلُّقِ الشّافعيِّ، وذلك أنّ حديث مالك في هذا الباب يدلُّّ (٧) على أنّ الضيافة ليست بواجبةٍ فرضًا؛ لأنّ الجائزةَ في لسان العرب العطيَّةُ والمنحةُ والصِّلَةُ، وذلك لا يكون إلّا عن اختيارٍ، لا عن وجوبٍ.


(١) أورده ابن عبد البرّ في المصدرين السابقين وكذلك ابن رشد.
(٢) قوله: "الحديث الصّحيح" فيه نظر.
(٣) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢١/ ٤٣ - ٤٤، عن إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن أخي عبد الرزّاق، عن سفيان الثوريّ، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ... قال ابن رشد في البيان والتحصيل: ١٨/ ٢٨٢ - ٢٨٣ "حديث غير صحيح".
(٤) يقول ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٦/ ٣٠٧ "وهذا عندهم حديث مرضوع" ويقول في التمهيد: ٢١/ ٤٤ "هذا حديث لا يصحّ، وإبراهيم بن أخي عبد الرزّاق متروك الحديث، منسوب إلى الكذب، وهذا ممّا انفرد به ونسب إلى وضعه".
(٥) انظر الأم: ٤/ ٤٩.
(٦) أورده ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢١/ ٤٣، والاستذكار: ٢٦/ ٣٠٧.
(٧) من هنا يبدأ النقل الحرفي من الاستذكار: ٢٦/ ٣٠٨، ما عدا السَّطر الأخير فهو من إضافات المؤلِّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>