للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن العلماء من قال: وقتُها وقتُ الظُّهرِ (١).

وقد اضطربَ المذهبُ في ذلك على أقوال:

فقيل (٢): "إنّ أوّل وقتِ الجُمعةِ زوال الشّمسِ، وآخرَ وقتِهَا عند ابنِ القاسم وأَشْهَب ومُطَرِّف آخر وقتِ الظّهرِ (٣). وآخر وقتها عند ابن عبد الحَكَم وابن الماجِشُون وأَصْبَغ إلى صلاة العصر (٤) "، حكاه القاضي أبو الوليد الباجي رحمه الله.

نكتةٌ لُغَوِيّةٌ (٥)

قولُه: "كنتُ أَرَى طِنْفسةً لعَقِيل يَوْمَ الجمعةِ" الطّنافسُ هي البسط، واحدُها طِنْفسة. وعرض الغالب فيها ذراعان، ويحتمل أنّ يكون سجوده (٦) على الْحَصْبَاءِ وجلوسه عليها وقيامه (٢) ومعنى ذلك (٧): أنّ السُّجودَ على الطّنافِسِ مكروهٌ عند مالك، وكذلك كلّ ما ليس من نباتِ الأرض (٨)، إلَّا من ضرورةٍ شديدةٍ من حَرٍّ أو بَرْدٍ.

وأمّا بَسْطُها في المسجد، فقد رَوَى ابنُ حبيب عن مالك: ألّا بأس أنّ يُتَّقَي بَرْدُ الأرض بالحُصُرِ والمصلّيات (٩) في المساجد، ومعنى ذلك (١٠): أنّ الجُلوسَ على الفراشِ والاتِّكاءَ على الوسائدِ يُنَافِي التّواضعَ المشروعَ في المساجدِ.


(١) عزاه ابن عبد البرّ في المصدر السابق إلى أبي حنيفة والشافعيّ وأصحابهما والحسن بن حيّ.
(٢) القائل هو الباجي في المنتفى: ١/ ١٩.
(٣) ووجه هذا القول: أنّ الجمعة بَدَلٌ من الظّهر، فوجب أنّ يكون وقته كوقتها.
(٤) ووجه هذا القول: أنّ الجمعة من شرطها الجماعة، وهي مبنية على الاختيار والفضيلة، فلا يجوز أنّ يؤتى بها في وقت الضرورة؛ لأنّ ذلك يخرجها عن موضعها.
(٥) هذه النّكتة مقتبسة من المنتقى: ١/ ١٩ - ٢٠، وانظر الاقتضاب في شرح غريب الموطأ لليفرني: ٣/ أ.
(٦) أي سجود عَقِيل بن أبي طالب.
(٧) ورد قبل هذا في المنتقى ما نَصُّهُ: "وقد رُوِيَ في العتبية عن مالك؛ أنّه رأى عبد الله بن الحسن بعد أنّ كبر يصلِّي على طِنفسة في المسجد يقوم عليها ويسجد، ويضع يديه على الحصب".
(٨) ويكون باقيًا على صفته الأصلية.
(٩) يقول الباجي في المنتقي: "يريد بالمصليات الطنافس".
(١٠) ورد شبل هذا في المنتقي: "وكره أنّ يجلس فيه على فراش أو يتكئ فيه على وساد"

<<  <  ج: ص:  >  >>