للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال قوم من أهل البصرة، منهم ابن عليَّة: هذا ممّا خُصَّ به النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - زيادةً في فضله، كما خُصَّ بما خُصَّ به من نكاح ما فوق الأربع، والموهوبة، إلى غير ذلك من خصائصه (١).

ويغبرُ في وجوههم، ما خَرَّجَهُ الدّارقطنيّ، قوله: "إنّا معشرَ الأنبياءِ لا نُورثُ، ما تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" (٢)، وبهذا أخذ كثيرٌ من العلماء أنّ الحديث عامّ فيه وغيره.

الثانية (٣):

فعلى هذين القولين جماعةُ المسلمينَ من العلماء، إلّا الرّوافض، وهم لا يُعَدُّون خلافًا؛ لشُذُوذِهِم فيما ذهبوا إليه في هذا الباب عن سبيل المسلمين، ولا حُجَّة لهم في قول الله: "وداود" و"سليمان" في قوله: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} (٤) وقوله: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} (٥) إلاَّ الحسن فإنّه قال: {يَرِثُنِي} مالي، و {مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} النُّبُوَّةَ والحِكْمةَ (٦).

وكيف يسوغُ لمسلمٍ أن يظنَّ أنّ أبا بكرٍ منع فاطمة ميراثها من أبيها، ومعلومٌ عند العلماء أنّ أبا بكرٍ كان يُعطي الأحمر والأسودَ، ويُسوِّي بين النّاس في العَطَاءِ، ولم يستأثر لنفسه شيئًا، ويستحيل في العقول أن يمنع فاطمة، ويردّ على سائر المسلمين، وقد أمر بَنِيهِ أن يردُّوا ما زاد في ماله منذ وليَ في بيت المالِ.

قال الإمام: والّذي نقول به هو الّذي بينّاه لكم، وما عداه فلا يحلّ لمسلم الكلام فيه؛ لِمَا فيه من الميل إلى القولِ بأحد المعنيين. وقد حقّقنا القول فيه في كتاب "العواصم من القواصم" (٧).


(١) انظر كتاب اللفظ المكرم بخصائص النبي المعظم للخيضري: ١/ ٣٢١.
(٢) لم نجده في المطبوع من سنن الدارقطني والحديث أخرجه أحمد (٧٣٠٣) طـ. الرسالة) ومسلم (١٧٦٠).
(٣) ما عدا الفقرة الأخيرة، فكلُّه مقتبس من الاستذكار: ٢٧/ ٣٨٧ - ٣٨٨.
(٤) النَّمل:١٦.
(٥) مريم: ٦.
(٦) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره: ٢/ ٣، والطبري في تفسيره: ١٥/ ٤٥٩ (طـ. هجر).
(٧) ٢/ ١٠١ من طبعة ابن باديس.

<<  <  ج: ص:  >  >>