للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام: وقد خالفَ ابنَ عُمَرَ في ذلك عمَّار وعِمْرَانُ بنُ حُصَينٍ، فَرَأيا القضاءَ وإن خرجَ الوقتُ.

وذكر ابنُ أبي شَيْبَةَ في مصنَّفِه (١)؛ أنّ عَمَّارَ بن ياسرِ أُغْمِي عليه الظُّهرَ والعصرَ والمغربَ والعِشَاءَ، فأفاقَ في بعضِ اللَّيل فقضاهُنَّ.

وقد رُوِيَ (٢) عن عِمْرَانَ بنِ حُصينٍ؛ أنّه قال: يَقْضِىِ المُغْمَى عليه الصّلواتِ كلِّها.

وأمّا (٣) من أفاقَ وأدْرَكَ من الوقتِ ما يَقْضِي فيه الصَّلاةَ، فلا خلافَ بين الأَيِمَّة فيه أنّه إذا أفاقَ في وقتِ يُمْكِنُهُ الأداء أنّها تَلْزَمُهُ.

قال الإمامُ الحافظُ - رضي الله عنه -: وحُجَّةُ مالكٍ - رضي الله عنه - ومَن ذهبَ مَذْهَبَهُ؛ أنّ القَلَمَ مرفرعٌ عن المُغْمَى عليه، قياسًا على المجنون المتّفَقِ عليه؛ لأنّه لا يحْزُبُ المُغْمَى عليه إلَّا أصلان:

أحدُهما: المجنونُ الذّاهبُ العقلِ.

والآخرُ: النّائمُ.

ومعلوم أنّ النّومَ لذَّةٌ، والإغماءَ عِلَّةٌ وبليَّةٌ، فهي بحالِ الجنونِ أَشْبَهُ.

قال الإمامُ الحافظُ: وهذه مسألةٌ ليس فيها حديثٌ مُسْنَدٌ، ولا أَثَرٌّ يعْضُدُهُ نصٌّ جَلِيٌّ، وهي مُعْضِلَةٌ جدًّا (٤)، وفيها عن ابنِ عمرَ وعمَّارِ بنِ ياسرٍ خلافٌ، فابنُ عمرَ لا يقضِي ما خرَجَ وقتُه، وعمَّارٌ يَقضِي.


(١) الحديث (٦٥٨٤).
(٢) رَوَاهُ ابن أبي شيبة في مصنفه (٦٥٨٥).
(٣) هذه الفقرة من زيادات المؤلِّف على نصّ ابن عبد البرّ.
(٤) قوله: "ولا يعضده ... الخ" من زيادات المؤلِّف على نصِّ ابن عبد البرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>