للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدةُ التاسعةُ:

قوله (١): " ففَزعَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اختلف العلماء في ذلك:

فقال القاضي أبو الوليد الباجي (٢): "إنّ فَزَعَهُ - صلى الله عليه وسلم - لما فَاتَه من وقتِ الصّلاةِ، ولم يكن عنده قبلَ ذلك الوقت ما يجِبُ على من نَابَهُ مثل ذلك، فَفَزعَ له، وهذا أشبه بالخَبَرِ.

وقال الأصيليُّ: إنّ فَزعَه كان لأجل المشرِكِينَ الّذين رَجَعَ من غَزْوِهِم (٣) ".

وقال الإمام الحافظ (٤): أخَّرَ النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصلاةَ عند الهبوبِ من النّومِ حتّى اقتادوا لأجل خمسة أوجه:

أحدُها: انتظارُ الأمرِ من اللهِ تعالى، كيف يكونُ العملُ في ذلكَ.

الثاني: تَحَرُّزٌ من العدوِّ واستشرافٌ له.

الثّالثُ: كراهيةُ البقعةِ الّتي وقَعَت فيها الآفةُ.

الرَّابعُ: ليَعُمَّ الاستيقاظُ والنّشاطُ إذا رحَلَ جميعُهُم.

الخامسُ: قال أصحابُ أبي حنيفةَ (٥): إنّما فعل ذلكَ لكي يذهبَ الوقتُ المنهيّ عن الصّلاةِ فيه، وفي الحديث: "حتَّى إذا ارتفعتِ الشَّمسُ وابيَضَّت، نَادَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالصّلاةِ" (٦).

قال الشّيخ أبو عمر (٧): "إنّما كان فَزَعُهُ إشفاقًا منه وحُزْنًا على ما فَاتَه من وقتِها بالنّوم الغالِبِ عليه، وحِرْصًا على بُلُوغِ الغايةِ من طاعةِ ربِّهِ. كما فَزعَ حينَ قامَ إلى صلاةِ الكُسوفِ فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ (٨)، وكان فَزَعُ أصحابِهِ لأنّهم لم يَعرِفُوا حُكْمَ من نامَ عن الصّلاةِ


(١) أي قول سعيد بن المسيَّب في الحديث المُرْسَلِ الّذي أخرجه مالكٌ في الموطأ (٢٣) رواية يحيى.
(٢) في المنتقى: ١/ ٢٧.
(٣) تتمة كلام الأصيلي كما في المنتقى: "لئلًا يتبعوه ويطلبوا أثره فيجدوه وجميع أصحابه نيامًا".
(٤) انظره في القبس: ١/ ١٠١.
(٥) انظرالمبسوط: ١/ ١٥٠.
(٦) أخرجه البخاري (٥٩٥) من حديث أبي قتادة.
(٧) في الاستذكار: ١/ ١٠٧. ١٠٨ (ط. القاهرة).
(٨) أخرجه من حديث قبيصة الهلالي: أبو داود (١١٨٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار: ١/ ١٣٣، والحاكم: ١/ ٤٨٢ (ط. عطا) وقال: "هذا حديث صحح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". وانظر نصب الراية: ٢/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>