للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الموضع كما فعلَ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - لأنّه موضعٌ مذمومٌ معلومٌ، كما رُوي عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنّه قال: نَهَى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - عن الصّلاة بأرضِ بَابِل لأنّها ملعونة (١)، ورُوي عنه أنّه أتى أرضَ ثمود فأسرع في الوادى (٢) وقال: "هذا وادٍ ملعون" (٣). ورُوِي عنه صلّى الله عليه أنّه أَمَرَ بالعجين الّذي عُجِنَ بماءِ ذلك الوادي أنّ يُطْرَحَ فطرحَ (٤). وقال: "لا تدخلُوا على هؤلاء المعذَّبينَ، إلَّا أنّ تكونُوا بَاكِينَ، أنّ يُصِيبَكُم مثلُ مَا أصَابَهُم" (٥)، وخَمَّرَ رأسَهُ وأسرع السَّيرَ (٦). فلا تجوزُ الصّلاةُ في ذلك الوادي، وذلك الوادي مخصوصٌ.

قال الإمام الحافظ (٧): وهذا الكلامُ فيه نظرٌ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جُعِلَت لِي الأرضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا" (٨). فقيل: إنَّه منسوخٌ بهذا، وقيل: إنّ هذا لا يجوزُ فيه النّسخ؛ لأنّه من فضائله، وما خَصَّ اللهُ به نبيِّه - صلّى الله عليه وسلم - فلا يجوزُ عليه النّسخُ ولا التبديلُ ولا النّقْصُ.

وأمّا قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "وَأَمَرَ بِلاَلًا أنّ يُؤَذِّن أو يُقِيمَ" فهكذا رواه مالكٌ على الشَّكِّ، وقد مَضَى القولُ فيه.


(١) أخرجه أبو داود (٤٩٠) مرفوعًا عن عليّ، ومن طريقه البيهقي: ٢/ ٤٥١، قال ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢/ ٢٢٣ "هذا إسناد ضعيف، وهو مع هذا منقطع غير متّصل بعليّ، وعمار والحجّاج ويحيى مجهولون لا يعرفون بغير هذا، وابن لهيعة ويحيى بن أزهر ضعيفان لا يحتجّ بهما ولا بمثلهما".
(٢) وهو المسمى بضَرَوان، انظر معجم البلدان: ٣/ ٤٥٦.
(٣) أخرجه ابن الجعد في مسنده (٣١٤٢) ومن طريقه الذهبي في سير أعلام النبلاء: ٧/ ٢٨٧، من حديث أبي الأشهب عن أبي نضرة. وقد أورده ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١/ ١٢١ (ط. القاهرة).
(٤) أخرجه الطبراني في الكبير (١٣٦٥٤)، والأوسط (٤٥٦٥) من حديث عبد الله بن عمر وأورده ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٣/ ١٤٥.
(٥) أخرجه البخاري (٤٣٣)، وسلم (٢٩٨٠) من حديث عبد الله بن عمر.
(٦) لم نعثر على هذه الزيادة.
(٧) الفقرتان التاليتان مقبستان بتصرّف من الاستذكار: ١/ ١٢٢ - ١٢٤.
(٨) أخرجه البخاري (٤٣٨)، ومسلم (٥٢١) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>