للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} الآية (١)، وقال تعالى في موضع ثالثٍ: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ} الآية (٢). ووجهُ الجمع في ذلك: هو أنّ الله تعالى هو الفاعلُ الأوَّلُ للكُلِّ. جعلَ إلى مَلَكِ الموتِ جزءًا مِنْ أفعالِهِ، وهو قَبْضُ الأرواحِ، قَرَنَ به جنودًا من ملائكَتِهِ، وأوحَى إليهم أنّ يتصرَّفُوا بأمْرِهِ. فإذا أَمَرَ اللهُ الْمَلَكَ، بادرَ إلى أمرِهِ أعوانُه وتولَّوا حينئذٍ أمرَ ربَّهِم. فإذا نَسَبْتَهُ إلى الأوّل في الحقيقة؛ قلت: إنّ الله قبضَ أرواحَنَا. وإذا نَسَبتَهُ إلى الواسطة؛ قُلتَ: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} الآية (٣). وإذا نَسَبْتَهُ للمباشِرِينَ للفِعْلِ؛ قُلتَ: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ} الآية (٤). وانتظَمَتْ تلك (٣) الآياتُ الثلاثُ المُختَلِفَاتُ في الظّاهِرِ في سِلْكِ الانتظامِ الواحدِ.


(١) السجدة: ١١.
(٢) الأنفال: ٥٠ وعلّق المؤلِّف على هذه الآيات في القبس بقوله: "والثلاثة الأحوال المتعدّدة حال واحدة في الحقيقة".
(٣) السجدة: ١١.
(٤) الأنفال: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>