المرابطين يستكمل توسُّعَه في الجزائر ويضمّها عام ٤٧٤ هـ وهكذا جذبت تلك القُوَّة المسلمة الصّاعدة في الغرب أنظارَ ملوك الطَّوائف في إسبانيا، فأرسلوا يستنجدون بها ويسنصرونها على نصارى الشّمال. ولا كانت دولة المرابطين نشأت في "رباط" دينيّ، وكان توجّهها توجُّهًا إيمانيًّا نَقِيًّا، كان الجهادُ سياسة أساسية لها، ونُصرة المسلمين رُكنًا من أركانها، فكانت استجابتهُم لطَلَب الذَّهاب إلى الأندلس؛ لأن "مجاهدة الإفرنج فريضة"، ولأنّ واجب السلم إغاثة أخيه السلم، فكان عُبور المرابطين للأندلس رغم توجُّس بعض ملوك الطَّوائف هناك من قوَّتهم، بل وتفضيلهم مداراة ألفونسو والاستعانة به للحيلولة دون تمكين المرابطن.
ولقد كانت أوّل خطوة للمرابطين على أرض الأندلس نصرًا حاسمًا، عندما استطاعوا أن يهزموا قوات المعسكر الصّليي الحاقد في يوم الزّلّاقة العظيم عام ٤٧٩ هـ/ ١٠٨٦ م، ولقد ساهم هذا النّصر في استرداد المسلمين في الأندلس ثقتهم بأنفسهم، حيث استعادوا ذكريات الحاجب المنصور بن أبي عامر، كما أن الفتح أورثَ هيبة المرابطين في نفوس الممالك النصرانية، ثمّ الأهمّ من ذلك أنّ يوسف بن تاشفين كلّف والد قاضينا ابن العربيّ بنقل رسالة إلى الخليفة العباسيّ يطلبُ فيها الشّرعية لإمارته، فحصل عليها بفَتْوَى من الإِمامين الغزالي والطرطوشي (١). وكان هذا أوّل اتّصال بين الأندلس
(١) انظر كتاب الأستاذة عصمت دندش: دور المرابطين في نشر الإسلام في غريب افريقيا مع نشر وتحقيق رسائل أبي بكر بن العربي: ١٧٦ - ٢١٧ (دار الغرب الإِسلامي، بيروت، ١٤٠٨ هـ).