للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثُ الثامنُ: حديثُ عائشة - رضي الله عنها -؛ أنّها قالت: ما تركَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - قطُّ في بيتي ركعتينِ قبلَ الصّبح، وركعتينِ بعد العصرِ حتّى توفّاهُ الله. خَرَّجَهُ البخاريُّ (١).

تفريع (٢):

اختلفَ العلماءُ في قولِه: "لا تصلُّوا بعد العصر" الحديث (٣):

قلنا: هل يريدُ بذلك الوقتَ، أو نَفسَ الوَقتِ من الصّلاةِ؛؟ وعلى هذا انبنىَ الخلافُ

للعلماءِ في صلاةِ الجنازةِ بعدَ العصرِ، إذا بَقِيَ من الوقتِ شيءٌ.

فإن قلنا: إنّ المرادَ به بعدَ صلاةِ العصرِ، لم يُصَلَّ على الجنازةِ.

وإن قلنا: إنّ المرادَ به بعد وَقتِ العصرِ، صُلِّيَ على الجنازةِ.

والصّحيحُ: أنّ المرادَ به بعدَ صلاةِ العصرِ، لوجهينِ:

أحدُهما: أنّ العصرَ والظُّهرَ والمغربَ قد صار ذلك أعلامًا للصّلواتِ، فمُطلَقُ اللَّفظِ إليها يَرْجِعُ، والخطابُ عليها يُحْمَلُ.

الثّاني: أنّه قال: "لا صلاةَ بعدَ الصُّبح حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ" ولو أراد الوقتَ لاستحالَ هذا الكلامُ؛ لأنّه ليس بين وقت الصُّبح وبينَ طلوعِ الشّمس حدٌّ للنَّهيِ المذكورِ.

واتفَقَ العلماءُ على تأويل الوقتين.


(١) الحديث (٥٩١) بنحوه، وأخرجه أيضًا مسلم (٨٣٥).
(٢) انظر. في القبس: ٢/ ٤٢٥ - ٤٢٨.
(٣) أخرجه الطيالسي (١٠٨)، وأحمد: ١/ ١٢٩، والنسائي في الكبرى (١٥٥٢)، وأبو يعلى (٤١١)، وابن خزيمة (١٢٨٥)، وابن حبان (٣٥٤)، والبيهقي: ٢/ ٤٥٩ كلهم من حديث عليّ. وانظر علل الدارقطني: ٤/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>