للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّوم؛ لأنَّ رُوحَهُ قبضها على طهارةٍ وفي طاعةٍ.

وأمّا الحالةُ الثّانيةَ عشرةَ: وهو إذا استَثفَرَ (١) وارتبطَ ثمَّ نام، فكان شيخُنا أبو بكرٍ الفِهريُّ يقولُ: نحن على المذهب، أنّه لا وضوءَ عليه، وكذلك قال أبو المعالي الجُوْينِيُّ من أصحاب الشّافعيِّ.

إلحاقٌ وتبيينٌ:

قال الفقيه الحافظ شيخنا أبو القاسم جَرِير بن مَسْتلَمة (٢): اختلَفَ العلماءُ - رضوان الله عليهم- في النوم في موضعين اثنين:

أحدُهما: هل له تأثير في نقض الوضوء أو لا؟

والثّاني: هل هو حَدَثٌ في نفسه، أو سببٌ للحَدثِ؟

فذهب مالكٌ - رضي الله عنه - وجلّة العلماء إلى أنّ له تأثيرًا في نقض الوضوء.

وذهب طائفةٌ من الصّحابة إلى ألّا تأثيرَ له في نقض الوضوء.

ونكتتهم في ذلك: حديث ابن عبّاس؛ أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - نام حتّى سُمِعَ غَطِيطُه، ثمّ صَلَّى ولم يتوضّأ (٣).

ومن طريق القياس: أنّ الطَّهارةَ قد ثبتت بيقين، فلا تُرفَع إلَّا بيقينٍ؛ لأنّ الشَّكَّ لا يقدَح عندَهُم في اليقينِ.

وقوله: "إنّما الوضوء على من نام مضطجعًا؛ فإنّه إذا نام مضطجعًا استرخت مفاصله"، وهذا يدلُّ على أنَّ النّوم سبب الحدَث.


(١) أي لمَّ أطرافه وأخذها بين فخذيه فربطها في وسطه.
(٢) لم نقف على ترجمته في المصادر الّتي استطعنا الوقوف عليها.
(٣) رواه الطبراني في الكبير (١١٦٨١)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢١/ ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>