وما من شَكّ أنّ منهم نُبهاء تعرَّضوا لترجمته والتعريف به والإشادة بذِكْرِه، وتسجيل ما أخذوه عنه في فهارسهم وأثباتهم وبرامجهم ومعاجمهم ومَشْيخاتهم، وسائر أنواع التآليف الّتي تُعْنَى بذِكْرِ فحول العلماء، مما يمكن أن تنتمي إلى العصر القريب من عصر أبي بكر.
ترجمة القاضي عياض بن موسى بن عياض اليَحْصُبيّ السَّبتي (ت. ٥٤٤ هـ) لأبي بكر ابن العربيّ وصلتنا في كتابه "الغنية"(١) عاشر شيوخه، تناولَ فيها تقديم شيخه في منشئه في إشبيلية وقرطبة، وسَفَرِهِ صُحبةَ أبيه بعد انقراض دولة بني عبّاد إلى المشرق، ومن لَقِيَ من شيوخ العصر في مصر والشام والعراق والحجاز، إلى مُنْصَرَفِه إلى الأندلس، وتولِّيه وظائف القضاء والشّورى والتدريس، إلى أن قضى، دون إغفالٍ لما نالَه من طعن يصوّر الجانب السّلبيّ من حياة شيخه، ولقد لقيه وكتب عنه، وسمع من لفظه حين اجتيازه مُنْصَرَفِه من المشرق بسبتة، ولعلّ ذلك سنة: ٤٩٥هـ، وفيها أجازه بجميع مروياته، وحدَّثه بكُتُبٍ في الرّجال من عيون ما جَلبَهُ من المشرق، ككتاب الدارقطني في "المؤتلف والمختلف"، وكتاب "الإكمال " للأمير ابن ماكولا، كما أتيحت له فرصة أخرى للّقاء بإشبيلية وقرطبة لا نعلم تاريخه، وإن كنّا نرجِّح أن هذا اللِّقاء كان متأخّرًا عن اللّقاء الأوّل الّذي تم في سبتة، والّذي نرجِّح فيه أنّه قرأ عليه فيه "مسألة الإيمان اللاّزمة" من تأليفه، وأجازه إجازة عامّة بمرويّاته ومؤلَّفاته.
(١) صفحة ١٣٣ وما بعدها (ط. باعتناء: محمّد بن عبد الكريم الزموري).