للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مجاهِد في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {مُدْهَامَّتَانِ} أي: مُسْوَدَّتان (١).

قال الإمام الحافظ: وفيه فائدتان:

١ - الفائدة الأولى: فيه تشبيه الرَّجُل الكريم بالخيل، كما شبه الرّجُل اللئيم بالحمار.

٢ - الفائدة الثّانية: فيه أنَّ الأَغَرَّ من الخيل أشرف من البهيم.

الفائدة الثّانية عشر:

في قوله (٢): "فإنَّهُم يأتونَ يومَ القيامة غُرَّا مُحَجَّلِينَ من الوُضوء".

قال علماؤنا: الوضوءُ مخصوصٌ بهذه الأمّة بنصِّ الحديث.

وقيل: هو أيضًا لسائر الأُمَم، لكن خُصَّتْ هذه الأمَّةُ بتبلُّجِ نورهِ عليهم؛ ليتميَّزُوا لنَبيِّهم - صلّى الله عليه وسلم - في عَرَصَاتِ الموقفِ.

وقوله: "غُرًّا مُحَجَّلِينَ من أَثرِ الوُضُوء" قد استوفَى - صلّى الله عليه وسلم - في قوله: "غُرًّا مُحَجَّلِينَ" جميع أعضاء الوضوء؛ لأنَّ الغُرَّة بياضٌ في جبهة الفَرَسِ، والتّحجيلَ بياضٌ في يَدَيه ورِجْلَيه، فاستعار للنّور الّذي يكون بأعضاء الوضوء يوم القيامة اسم الغُرَّة والتَّحجيل على جهة التَّشبيهِ (٣).

وقال الهرويّ: الغُرَّة: البياض الّذي في جبهة الخليقة (٤).


(١) أخرجه مجاهد في تفسيره: ٦٣٩ بنحوه، والطّبريّ في تفسيره: ٢٢/ ٢٥٧ (ط. هجر) وعبد بن حميد كما في تغليق التّعليق: ٤/ ٣٣١، وانظر الدر المنثور: ١٤/ ١٥٤ (ط. هجر).
(٢) في حديث الموطَّأ (٦٤) رواية يحيي.
(٣) يقول ابن حبيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ٩ "يعني بالغُّرَّة والتَّحجيل غشيان النّور وجوههم وأطرافم في المحشر وفي الموقف عند الحساب"، وانظر تفسير الموطّأ للبوني: ٦/ أ.
(٤) لم نجد هذا الكلام لا في غريب الحديث لأبي عبيد الهروي: ١/ ١٧٦، ولا في الغريبين: ٤/ ٢٤٢. ٢٤٤. وانظر مشكلات موطَّأ مالك: ٥٨، ومشارق الأنوار لعياض: ٢/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>