للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الدّاودي: إنّه ليس هذا ممّا يختم به للمذادِّين عنه بدخول النّار؛ لأنّه يحتمل أنّ يذادوا (١)، ثم يشفع لهم بعد ذلك، وهذا يدلُّ على أنّه جوَّزَ ذلك على أهل الكبائر من المؤمنين".

الفائدة السادسة عشر:

قوله -عليه السّلام-: "يا أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات، نسألُ الله لنا ولكم العافية" (٢).

قال الإمام الحافظ: في هذا الحديث الدُّعاء للأموات مندوبٌ إليه، لمن دخل البقيع أنّ يدعُوَ لمن عرف ولمن لم يعرف.

وفي الخبر الصّحيح؛ أنّ من بلغه موت أخيه المؤمن فترحَّمَ عليه، واستغفرَ له، كان كمن شهد جنازته وصلّى عليه.

ورُوِيَ عنه - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه قال: "مَثَلُ الميِّتِ في قَبْرِهِ كمَثَلِ الغَريقِ يتعلَّق بكلِّ شيءٍ، يَنتظِرُ دعوة من وَلَدِه أو ولد وَلَدِه، أو أخ أو قريب، وإنَّه ليدخل قبور الأموات من الدّعاء أنوار أمثال الجبال" (٣).

وقال بعضُ السَّلَفِ: الدُّعاء للأموات بمنزلة الهدايا للأحياء، فيدخل المَلَكُ على الميِّت ومعه طبق من نُورٍ عليه منديل من نور، فيقول: هذه هدية لك من عند أخيك فلان، ومن عند صديقِكَ فلان، قال: فيفرحُ بذلك كما يفرح الحيّ بالهدايا.

والأخبار في ذلك كثيرة، قد تكلّمنا عليها في "الكتاب الكبير" وأوضحنا طرفًا منها في "كتاب الجنائز" من هذا "الكتاب ".


(١) تتمّة الكلام كما في المنتقى:" ... وقتًا فتلحقهم شدّة، ثم يتوفاهم الله برحمته، ويقول لهم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - سحقًا ثم يشفع فيهم".
(٢) أخرجه بنحوه مسلم (٩٧٥) عن بُرَيْدَة.
(٣) أخرجه بنحوه البيهقي في الجامع لشعب الإيمان (٨٨٥٥ ط. الرشد) من حديث ابن عبّاس، بسند ضعيف جدًا، وذكره الذهبي في الميزان: ٣/ ٤٩٦ وتبعه ابن حجر في اللسان: ٧/ ٢٣ (ط. أبو غدة).

<<  <  ج: ص:  >  >>