للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك (١)، عن عبد الرحمن بن حَرمَلَة؛ أنّه قال: رأيتُ سعيدَ بن المسيَّبِ يَرعُفُ، فيخرُجُ منه الدَّمُ، حتّى تختضِبَ أصابعُهُ من الدَّم الّذي يخرُجُ من أنفهِ، ثم يصلِّي ولا يتوضَّأُ.

قال الإمام (٢): هذا يقتضي أنّها كانت تختضبُ كلّها، وهذا في حَيِّز الدَّم الكثير، ولعلّه أراد الأنامل العليا من أصابع يده، فإنّ ذلك في حَيِّزِ اليسير.

والرَّعافُ على ضربين: كثير، وقليل.

فأما الكثير: فهو الّذي يخرجُ الرّاعفُ إلى غسله، ثم يبني على ما تقدَّم من صلاته كما بيَّنَّاهُ.

وأمّا القليلُ: فإنه يَفْتِلُه بأصابعه حتّى يجفّ ويتمادى، وهذا لا خلاف فيه. والكثيرُ أنّ يسيل أو يقطر، لقوله تعالى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} الآية (٣)، وهو الجاري، فعَفَا عن اليسير وحرَّمَ الكثير (٤)، فإن زاد على الأنامل العليا فإنّه كثير ولينصرف، قاله ابن نافع في "المجموعة" (٥) عنه. وفي "كتاب ابن المواز" (٦) نحوه، ومعنى انصرافه في هذا: قطع صلاته.


(١) في الموطَّأ (٩١) رواية يحيي.
(٢) من هنا إلى آخر الباب مقتبسٌ من المنتقى: ١/ ٨٥.
(٣) الأنعام: ١٤٥.
(٤) التعليق على الآية الكريمة مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: ٩/ أ، أما كلام الباجي فهو كما في المنتقى: "فإن لم يسل ولم يقطر وإنّما كان يرشح من أنفه، فإنّه يفتله بأصابعه، فإن عمّ أنامله الأربعة ولم يزد على ذلك، فهو يسير لا ينصرف منه. فإن زاد ... ".
(٥) لابن عبدوس.
(٦) وهو المسمى بالموازية، وهو كتاب مثل مشهور من أجلّ كتب الفقه عند قدماء المالكية، ومحمد بن إبراهيم المعروف بابن المواز (ت ٢٦٩) من كبار فقهاء المالكية. انظر أخباره في ترتيب المدارك: ٧/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>