للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه النّازلة الّتي تتعلّقُ بالرِّجال ولا يَروِيْهَا أحدٌ سواها بعيدٌ، وهذا قول ضعيفٌ؛ لأنّ الله تعالى لم يُرِدْ أنّ يجري السُّنَّة مجرى القرآنِ حتّى يتولَّى حِفْظَها كما تولَّى حِفْظَهُ، وإنّما أراد تعالى أنّ يكون القرآن محفوظًا معلومًا قطعًا، وأن تكون السُّنَّةُ تلتقِطُها الرُّواةُ التقاطًا، ويؤخذ عن كلِّ أحدٍ ما سمع منه حتّى من النِّساء، ولذلك قال تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} الآية (١)، فما اجتمع من السُّنَّة اجتمع، وما خَفِيَ منها في وقتٍ سيَظهَرُ في آخر. بل كان كثيرٌ من الصحابة يصدُّون أنفسهم عن ذكرها، فلا تستبعدوا -بَصَّرَكُمُ اللهُ- والحالةُ هذه أنّ تَضبِطَ المرأةُ أوامِرَهُ، وأن يذكر امرؤٌ ما نَسِيَ آخرُ (٢).


(١) الأحزاب: ٣٤.
(٢) ذكر البوني في تفسير الموطَّأ: ١٠/ أبعض اللطائف المستنبطة من الحديث نقال: "في حديث بُسرَة أنّ على من أخبر بشيءٍ لا يعلمه أنّ يستفهم ويتثَّبت فيه. وفيه: أنّ النّساء كن يتفقّهن. وفيه قَبُول خبر المرأة وبُسرَةُ خالة مروان. وفيه: أنّ الإعادة على من مسِّ ذَكَرَهُ إذا صلّى ولم يتوضّأ؛ لأنّ عُروَةَ لم يذكر أنّه أعاد الصّلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>